وفا-
قطع وحرق للأشجار وتدمير للممتلكات والمركبات واعتداءات بالضرب وإطلاق النار على
المواطنين من عصابات المستوطنين، جرائم فُرضت على سكان منطقة جنوب محافظة نابلس،
فلا يكاد يمر يوم دون أن تسجل اعتداءات جديدة لهذه العصابات في المنطقة.
ووفق
مراقبين لشؤون الاستيطان، فإن منطقة جنوب نابلس تعد الأخطر تقريبا في الضفة
الغربية، نظرا لإحاطتها بمجموعة كبيرة من المستوطنات، التي يسكنها مستوطنون
معروفون بشدة تطرفهم، وينتمون لجماعات إرهابية معروفة بجرائمها كعصابات
"تدفيع الثمن"، و"شبيبة التلال"، المسؤولة عن تخطيط وتنفيذ
مئات الاعتداءات، أبرزها جريمة إحراق عائلة دوابشة عام 2015، وقتل المواطنة عائشة
الرابي عبر إلقاء الحجارة على مركبة عائلتها.
وتشير
احصاءات رسمية، إلى أن قرى وبلدات "حوارة، وبورين، وعوريف، وعصيرة القبلية،
ومادما، وعينابوس"، أكثر المناطق تعرضا لتلك للاعتداءات، ومصدرها مستوطنة
"يتسهار" المقامة على أراضي
تتبع تلك القرى والبلدات.
وتتوزع
اعتداءات المستوطنين في تلك المنطقة بين حرق وتقطيع للأشجار في النهار، والتسلل في
عتمة الليل لخط شعارات عنصرية وحرق المركبات في القرى والبلدات، إضافة لإلقاء
الحجارة على المركبات المارة على الطريق الواصل بين طولكرم ونابلس، والمعروف بشارع
"يتسهار".
المواطن
فتحي هشام عدوان من قرية عوريف جنوب المدينة، كان آخر الناجين ووالديه من
"حجارة الموت" التي يلقيها مستوطنو يتسهار على المركبات المارة في
الطريق الواصل بين طولكرم ونابلس، تحدث لمراسل وفا: "نجونا من الموت
بأعجوبة".
كانت
الساعة تشير للعاشرة مساء يوم الثلاثاء الماضي، عندما فوجئت عائلة عدوان التي كانت
بطريق العودة من طولكرم لقريتهم، بثمانية مستوطنين ملثمين يخرجون من بين مركبتين
عند مفرق المستوطنة ويباغتوهم بإلقاء الحجارة على زجاج المركبة التي تسير بسرعة
100 كم في الساعة.
يقول
عدوان: إن والده الذي كان يقود المركبة وتمكن من السيطرة على قيادتها بمعجزة خلال
إلقاء المستوطنين الحجارة والذين استغلوا خلو الطريق من المركبات حتى وصلوا إلى
بلدة حوارة القريبة.
ويتابع:
"حتى اللحظة مصدومين من الحدث، نجونا من موت محقق، المستوطنون الذي ارتدوا
زيا موحدا أرادوا قتلنا".
في
ظهر ذات اليوم، كان المواطن مصطفى المصري (30عاما) يجري برفقة زميله حسن، مسحا
للأراضي المحاذية لمستوطنة "يتسهار"، عندما تفاجأ بحضور مركبة تضم أربعة
مستوطنين مسلحين رفعوا الأسلحة عليهم من مسافة قريبة مهددين في حال مغادرة الأرض
بإطلاق النار عليهم، وقال: "هجومهم يدل أنهم يريدون القتل، وقف محلك أو بطخ
قال لنا المستوطنون".
ويوضح،
أنه "عندما فر وزميله نحو بلدة حوارة باشر أحد المستوطنين بإطلاق النار، فيما
هاجمهم الثلاثة الآخرين بالحجارة ما أدى لإصابته بقدمه، فاضطر للركض مسافة دون
إدراك لوجود السلاسل الحجرية إثر ملاحقة المستوطنين لهم، حتى احتميا بمنتجع
قريب".
ويشير
إلى أن مركبة للهلال الأحمر حضرت ونقلته لمستشفى رفيديا الحكومي، حيث تبين إصابته
بتمزق الرباط الصليبي بقدمه اليسرى.
ورصدت
هيئة مقاومة الجدار والاستيطان خلال النصف الأول من العام 2020، ما يزيد على 419
اعتداء للمستعمرين، حيث شهد ارتفاعا ملحوظا في وتيرة الاعتداءات، ونجم عنها جرح 78
مواطنا فلسطيينا، وإلحاق الضرر بـــ 1100 دونم من أراضي المواطنين وحرق وقلع ما
يزيد عن 3 آلاف شجرة.
وأدت
تلك الاعتداءات إلى إلحاق أضرار مادية في مركبات المواطنين، وتم حصر 78 مركبة
فلسطينية تضررت بشكل مباشر باعتداءات المستعمرين.
وتشير
الهيئة إلى أن 21% من مجمل تلك الاعتداءات سجلت في محافظة نابلس، وأن 60% من مجمل
الاعتداءات تركزت بشكل مكثف في محافظات القدس، ونابلس، والخليل.
ويؤكد
مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس لـ"وفا"، أن مركز
قيادة الإرهاب للمستوطنين في الشمال متواجد في مستوطنة "يتسهار"،
فالاعتداءات تبدأ منها وتتصدر لبقية المستوطنات.
ويشير
إلى أن اعتداءات مستوطني "يتسهار" لا تقتصر على قلع وحرق الأشجار، بل
سرقة مياه الآبار الزراعية من عدة قرى ومهاجمة مدرسة بورين الثانوية باستمرار،
ومهاجمة منازل المواطنين بعصيرة القبلية بالحجارة، إضافة إلى القيام بتكسير مركبات
المواطنين المارة بين نابلس ورام الله.
ووفق
مركز المعلومات الوطني، فإن مستوطنة "يتسهار" أقيمت في البداية كنقطة
عسكرية (ناحال) في 1/8/1983؛ وتحولت إلى مستوطنة دائمة في 23/7/1984، وتقع على بعد
8 كم جنوب غرب نابلس في الطرف الجنوبي لجبل جرزيم؛ وعلى الطريق الرئيسي الواصل بين
نابلس ورام الله والقدس.
وتبلغ
المساحة الكلية للمستوطنة لغاية السياج الذي يحيط بها حوالي 1248 دونمًا؛ فيما
تبلغ مساحة مسطح البناء في هذه المستوطنة حوالي 199 دونمًا، لغاية العام 2014؛
وبالتالي يكون مجموع مساحة الأراضي الخالية من البناء غير المستغلة من قبل
المستوطنة، والتي تقع بين مسطح البناء وسياج المستوطنة 1049 دونمًا.
وتعمل
المستوطنة على التمدد بالتدريج؛ فيما تبلغ مساحة النفوذ الأمني للمستوطنة حتى
العام 2014، حوالي 691 دونمًا، وبلغ عدد مستوطنيها حتى نهاية العام 2012 حوالي
1172مستوطنًا.
وحسب
بيان لجيش الاحتلال الإسرائيلي صدر صباح اليوم، فإن مستوطني "يتسهار"
نفذوا حوالي 40 اعتداء بينها 20 اعتداء ضد الفلسطينيين، ومثلها ضد جيش وشرطة
الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت
وزارة الخارجية والمغتربين أدانت في بيان لها، إقدام عناصر منظمات المستوطنين
الإرهابية المتمركزة في بؤرة الإرهاب "يتسهار"، بمهاجمة مركبات
المواطنين الفلسطينيين وإلقاء الحجارة عليها في الطريق الواصل بين نابلس وقلقيلية.
وطالبت
الخارجية الدول كافة بوضع منظمات الإرهاب اليهودي المنتشرة في المستعمرات
الإسرائيلية الموجودة في الضفة الغربية المحتلة على قوائم الإرهاب، وملاحقتها
قضائيا ومنعها من دخول أراضيها، مؤكدة أن رعاية الحكومة الاسرائيلية لتنظيمات
المستوطنين الإرهابية وإسنادها ودعمها لها هو إرهاب دولة منظم.