وفا-
في الوقت الذي تخضرّ وتزدهر مداخل المستوطنات الجاثمة على أراضي محافظة سلفيت،
بالعشب والزهور وأشجار الزينة، يجف الزيتون وتتلف المزروعات في البلدات والقرى
الفلسطينية، بفعل المياه العادمة والنفايات الغازية والسائلة، التي تبثها المصانع
في مستوطنات "بركان، وآرائيل، وعمونائيل".
(24
مستوطنة) أقيمت فوق أراضي محافظة سلفيت، مشبوكة بشبكات صرف صحي، تضخ جميعها مياهها
العادمة في وديان المحافظة، ملوثة بذلك معظم المياه السطحية والينابيع.
الاحتلال
الذي يتوسع شرقا وغربا وشمالا في سلفيت، أعاق منذ 25 عاما إنشاء محطة تنقية
ومعالجة تسهم في مساندة المزارعين وتقلل حجم التلوث البيئي.
عدا
أن الاحتلال يسرق مياه الفلسطيني الجوفية، ويلوث مياهه السطحية، فهو يُقنن حصته من
المياه، ويمنح المستوطن أكثر من خمسة أضعاف ما يمنح للفلسطيني.
محافظة
سلفيت (85 ألف نسمة) تتربع على أهم الأحواض المائية الجوفية في الضفة الغربية، وهو
أحد أهم أطماع الاحتلال في التوسع الاستيطاني على أراضيها.
لا
يُعرف تماما عدد المصانع في التجمعات الاستيطانية الصناعية الثلاثة (آرائيل،
بركان، عمونائيل)، إضافة إلى بعض المصانع في مستوطنة بدوئيل غرب المدينة، لكنها
تقدر بين 200 إلى 400 مصنع، أهم الصناعات فيها: مصانع للحديد، منتجات غذائية،
مدابغ جلود، بطاريات، ألمنيوم، مكيفات هوائية، سجاد.
وتدخل
في تصنيع منتجات تلك المصانع، مواد خطرة وسامة كالرصاص والكروم والاوزون والنيكل
والكلور ذي التركيز العالي والمواد الحافظة والزرنيخ.
وهذه
المواد تصل الأراضي والبلدات والقرى الفلسطينية على شكل ملوثات صلبة أو غازية أو
سائلة، وتحدث أضرارا جسيمة في الأرض وصحة الانسان، خاصة في الجهاز الهضمي والتنفسي
وفشلا كلويا ولوكيميا وربو.
مدير
سلطة الجودة والبيئة في سلفيت مروان ابو يعقوب، قال لـ"وفا": تبقى مشكلة
التلوث قائمة بوجود الاحتلال الذي لا يسعى لإيجاد حلول لها، فالأودية هي مصاطب
لتغذية المياه الجوفية، بالتالي تلوثها يؤدي إلى تلوث المياه السطحية والينابيع.
وأضاف:
ضيق المساحة التي تديرها دولة فلسطين إداريا وعسكريا في محافظة سلفيت، أدى إلى عدم
وجود مشاريع استراتيجية بيئية، كإقامة شبكات صرف صحي ومحطات تنقية ومعالجة أو
إنشاء مكبات صحية للنفايات الصلبة أو محطات لترحيلها.
وتابع:
إلى جانب استنزاف الاحتلال للمياه الجوفية الفلسطينية لتغذية المستوطنات وإقامة
مشاريع زراعية وصناعية، تقوم سلطات الاحتلال ببيع المياه لأصحابها الفلسطينيين،
وبنسب لا تكفي لسد احتياجاتهم المائية، زراعيا وصناعيا.
وبين
أبو يعقوب: محطة التنقية الوحيدة في المحافظة وهي فقط لمدينة سلفيت، من المتوقع أن
تباشر عملها بداية عام 2022، ستعمل على استرداد نقص المياه، بعد إعادة تدوير
المياه العادمة واستغلالها وفق المواصفات والمقاييس الفنية والتعليمات الالزامية
الخاصة بالمياه العادمة، في تشجير محميات وغابات، وري محاصيل علفية، والأشجار التي
يسمح ريها بها، بالتالي المحافظة على التنوع البيئي والحيوي، عدا أنها ستكون أقل
كلفة على المزارعين والمستفيدين منها.
بدوره،
مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية سلفيت أشرف زهد، قال لـ"وفا"، كثير
من الصناعات نقلت من أراضي الـ48 إلى مستوطنتي بركان وآرائيل الغربية، وذلك لمعرفة
الاحتلال بخطورتها، لتكون قريبة على البلدات والقرى الفلسطينية، إضافة إلى ضبط
كميات من النفايات الصلبة بين فترة وأخرى خارجة من المستوطنات تجاه أراضي محافظة
سلفيت.
وأضاف:
تنتج تلك المصانع، الرصاص والزرنيخ ومعادن ثقيلة ومواد عضوية وغير عضوية واملاح
ضارة للبيئة ومواد كيماوية تصنف دائما على انها مواد خطرة جدا، ولها شديد التأثير
على التنوع الحيوي البيئي، إضافة إلى مياه المجاري التي تخرج من المستوطنات، والتي
تسببت بأمراض كثيرة طالت المحاصيل الزراعية خاصة في دير بلوط، وواد المطوي، وواد
قانا.
وأشار
إلى أن مصانع الاحتلال تنتج ملوثات بيولوجية تتسرب للمياه الجوفية ومياه الينابيع،
بالتالي معظم ينابيع محافظة سلفيت بحاجة لمتابعة دقيقة وعناية شديدة، حيث إن سلفيت
تستخدم عدة ينابيع وآبار للشرب، وأهم تلك المصادر: المطوي في سلفيت ونبع الفوارة
في كفر الديك، وبئر مردة في مردة، والجناين في ياسوف.
وتابع:
أمراض كثيرة أصابت الدواجن والابقار والمحاصيل الزراعية وظهرت حشرات مقاومة للمبيدات
الزراعية، لذا وجب على المزارعين الاكثار من رش المبيدات من اجل الحصول على منتوج
افضل، لكن كثرة المبيدات بالمقابل خطيرة وتؤثر على الصحة العامة.
"تلفت
محاصيل كثيرة من الزيتون والعنب والتين.. بعد يباسها بفعل المياه العادمة"
يقول زهد.
وأضاف:
معظم الأماكن التي تمر منها مياه المجاري أصبحت منكوبة، بعد أن كانت مناطق
استجمام، أو قل زوارها بشكل ملحوظ، فهي اليوم تنبعث منها روائح كريهة والحشرات
والقوارض، وتسبب اللشمانيا واللوكيميا والأميبا، والكثير من