وفا - بينما
كان أهالي قرية بورين جنوب نابلس ينشغلون بتناول وجبة الإفطار مساء الثلاثاء، تفاجأوا
بألسنة اللهب تغطي الجهة الشرقية من جبال القرية التي تقام على أراضيها مستوطنة
"براخا"، فهبوا لإخمادها.
في
بورين والقرى المجاورة لها، لا يكاد يمر يوم، دون أن تسجل فيه اعتداءات للمستوطنين
على المواطنين وممتلكاتهم، فمن اعتداءات بالضرب وقطع للأشجار وحرق لمساحات شاسعة
من الأراضي الزراعية، إلى رشق للمنازل والمركبات بالحجارة.
رئيس
مجلس قروي بورين نضال نجار يقول لـ"وفا"، إن الحريق نشب بعد أن أشعل
مستوطنو "براخا" و"كفعات رونيم" النيران بعشرات الدونمات، ما
أدى لاحتراق قرابة 100 شجرة زيتون معمرة وعشرات الدونمات من الأراضي الرعوية.
ويضيف
أن الاحتلال لا يسمح بدخول الأراضي المستهدفة إلا بتنسيق مسبق، كونها تقع ضمن
المناطق المحيطة بالمستوطنة، متابعا: المستوطنون يواصلون سياسة حرق وتقطيع الأشجار
كل عام وتحت أعين جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ويوضح
النجار "أثناء إطفاء أهالي القرية للحريق، باغتهم المستوطنون بمهاجمة منازلهم
بالمنطقة الجنوبية من القرية بالحجارة، عرف من بينها منزل إبراهيم عيد، ومحمد
صلاح، وعمران نائل زبن كل ذلك جرى بحماية جيش الاحتلال، حيث دارت مواجهات مع
الأهالي، أدت لإصابة الشاب عمر مراد النجار بجروح".
سياسة
حرق الأراضي الزراعية والأشجار التي يتبعها المستوطنون منذ سنوات طويلة خاصة في
المناطق المحيطة بالمستوطنات، يرى فيها النجار أنها تأتي ضمن استراتيجية مدروسة
تهدف للاستيلاء على الأرض الفلسطينية.
وتعد
منطقة جنوب نابلس الأخطر تقريبا في الضفة الغربية وفق مراقبين لشؤون الاستيطان،
نظرا لكونها محاطة بمجموعة كبيرة من المستوطنات التي يسكنها مستوطنون معروفون بشدة
تطرفهم، وينتمون لجماعات إرهابية معروفة بجرائمها كعصابات "تدفيع
الثمن"، و"شبيبة التلال"، المسؤولة عن تخطيط وتنفيذ مئات
الاعتداءات، أبرزها جريمة إحراق عائلة دوابشة عام 2015، وقتل المواطنة عائشة
الرابي عبر إلقاء الحجارة على مركبة عائلتها.
وتتوزع
اعتداءات المستوطنين في تلك المنطقة بين حرق وتقطيع للأشجار نهارا، والتسلل في
عتمة الليل وخط شعارات عنصرية وحرق المركبات في القرى والبلدات، إضافة لإلقاء
الحجارة على المركبات المارة على الطريق الواصل بين طولكرم ونابلس، حيث مستوطنة
"يتسهار".
وقبل
أيام قليلة، أقدم مستوطنون من بؤرة "احيا" الاستيطانية المقامة على
أراضي قرية جالود جنوبا، على إحراق قرابة 30 دونما تحيط بالمنازل شرق القرية، بعد
أن هاجم قرابة 40 منهم المنازل بحراسة جيش الاحتلال، وفق ما يوضح رئيس المجلس
القروي عبد الله حج محمد.
ويضيف
حج محمد لـ"وفا" ان مواجهات اندلعت بين الأهالي والمستوطنين وأصيب
خلالها عدد من أبناء القرية بجروح بالرصاص الاسفنجي، أثناء تصديهم للهجوم.
خلال
العام الماضي أحرق المستوطنون في جالود وحدها، قرابة ألف شجرة زيتون و400 دونم
رعوي، ومنذ بداية العام الجاري، قطعوا وسرقوا 250 غرسة زيتون من أراضي القرية، كما
يؤكد حج محمد.
ويرى
أن سياسة حرق الأشجار والأراضي الزراعية تهدف لتكبيد المزارعين الفلسطينيين
الخسائر، واتخاذ ذريعة بأن الأرض المحروقة خالية من المزروعات، ليتسنى للمستوطنين
الاستيلاء عليها، مشيرا إلى أن الاحتلال منع أهالي القرية من الدخول إلى الأراضي
التي تم حرقها العام الماضي، بادعاء أن الأشجار قد جفت وماتت إثر الحريق.
ويتخوف
حج محمد من حرمان الاحتلال أهالي القرية من حصاد القمح هذا العام قائلا: منعنا من
حصاد القمح خلال السنوات الأربع الماضية، بعد أن نحرث الأرض ونزرعها، ونخشى هذا
العام من حرماننا حصادها.
وتبلغ
المساحة المزروعة بالقمح 300 دونم وتكلف سنويا قرابة 40 ألف شيقل حراثة وبذار وفق
حج محمد، الذي عبر عن خشيته من إقدام المستوطنين على إحراق المحاصيل الزراعية في
سهول القرية وحرمانهم حصادها للعام الخامس.
مسؤول
ملف الاستيطان شمال الضفة الغربية غسان دغلس تحدث لـ"وفا"، بأنه خلال
اليومين الماضيين شن المستوطنون 37 اعتداء تمثل بحرق الأراضي الزراعية، وتدمير
المركبات، ومهاجمة المنازل والبركسات الزراعية.
ونوه
دغلس إلى أن سياسة الحرق وقطع الأشجار تأتي لتحقيق الأطماع الاستيطانية بإفراغ
الأراضي والاستيلاء عليها فيما بعد، لإقامة مشاريع استعمارية، كما تهدف لحرق قلب
الفلسطيني على أرضه.