Adbox

هكذا تعمل الجمعيات الاستيطانية على تهويد الشيخ جرّاح !



"جريدة الأيام" بقلم: نير حسون/ سيطرت جمعية تابعة للمستوطنين على مبنى في حي الشيخ جراح يعود لعائلة ميخائيل بن يائير، المستشار القانوني السابق للحكومة والقاضي المتقاعد في المحكمة المركزية.

وضعت الجمعية يدها على البيت سنوات كثيرة، وحصلت على ايجار البيت الذي يبلغ مئات آلاف الشواكل من المستأجرين الفلسطينيين، دون أن يعرف الورثة، من بينهم بن يائير، عن ذلك.

اكتشف بن يائير قبل سنتين أن منزل جدته في حي الشيخ جراح في القدس تم تحويله إلى جمعية يمينية دون أن يحاول أي شخص من قسم القيم العام في وزارة العدل أو من المحكمة الحاخامية أو من المستوطنين العثور على ابناء العائلة، الورثة الشرعيين للمبنى.

ومنذ ذلك الحين بدأ صراع قانوني بهدف تحرير البيت من المستوطنين وتمكين السكان الفلسطينيين من البقاء فيه. خلال ذلك اكتشف الطرق الملتوية والمشكوك في قانونيتها التي يستخدمها المستوطنون في الطريق لتهويد الشيخ جراح.

 

بن يائير: "لو أرادوا لعثروا علينا بسهولة"

"نحلات شمعون" كان حيا يهوديا صغيرا أقيم في الجزء الغربي في منطقة الشيخ جراح العربية في نهاية القرن التاسع عشر.

وفي 1942 ولد هناك ميخائيل بن يائير، الذي اصبح بعد ذلك المستشار القانوني للحكومة في حكومة اسحق رابين وشمعون بيريس. وفي العام 1948 اضطر سكان الحي اليهودي الصغير الى الهرب في اعقاب سيطرة الاردن على الحي. ومثل معظم السكان اليهود الذين هربوا من شرقي القدس الى غربيها حصل ابناء العائلة على تعويض عن البيت الذي بقي في الشيخ جراح – سكن بديل وبقالة في حي روميما.

في التسعينيات بدأت جمعيات تابعة للمستوطنين تعمل على تهويد منطقة الشيخ جراح، على اساس القانون الذي يمكن اليهود من المطالبة باستعادة الممتلكات التي كانت بحوزتهم قبل العام 1948، حتى لو حصلوا على التعويضات بسببها. تم تقسيم الحي الى قسمين، القسم الشرقي الذي يسمى كرم الجاعوني، والذي كان بملكية هيئات عامة ولجان الطائفة اليهودية – الاشكناز والسفارديم. والقسم الغربي الذي يسمى أم هارون، حيث كانت تعيش عائلة بن يائير، كان بملكية خاصة لعائلات يهودية.

اراضي القسم الشرقي اشترتها جمعية باسم "نحلات شمعون"، التي تمتلكها شركة اجنبية في الخارج ويتم تشغيلها من قبل ناشط استيطاني هو اسحق مامو. ولكن في القسم الغربي احتاج مامو وجمعيات المستوطنين الى تعاون العائلات اليهودية التي ورثت البيوت.

في عدد من الحالات نجحوا في الحصول على تعاون لشراء المباني من الورثة، وأن يؤدي ذلك لاخلاء العائلات الفلسطينية التي تعيش في المكان. في حالة بيت عائلة بن يائير، عملوا بطريقة مختلفة.

البيت والبقالة التي بجانبه يظهران في سجل الوقف كنوع من وصية كتبتها جدة بن يائير، سارة بن منشه غانا شفيلي.

وقد صرحت امام المحكمة الحاخامية في القدس في 1927 بأن البيت والبقالة المحاذية له ستنتقل لأحفادها وأحفادهم. مع ذلك، اشارت في وصيتها إلى أنه "اذا - لا سمح الله - لم يبق نسل لأحد ممن يستحقون الوقف المذكور اعلاه، عندها ينتقل ليصبح وقفا لصالح الكنيس الجورجي الذي يوجد في "نحلات شمعون".

هذه صيغة كانت سائدة في تلك الفترة التي تتطرق الى حالة لا يكون فيها احفاد لابناء العائلة، عندها ينتقل الوقف لصالح الكنيس.

استنادا للجملة الاخيرة في الوصية توجهت في العام 2002 الجمعية اليمينية "مستوطنو صهيون"، التي ادارها مامو، إلى المحكمة الدينية، وطلبت تعيين مامو وشخص آخر باسم اورين شيفر، مندوبين للمحكمة من أجل فحص لمن يعود الوقف. صادقت المحكمة على الطلب. بعد فترة قصيرة أبلغا المحكمة بأنهما لم يعثرا على الورثة، وقامت المحكمة بتعيينها بقرار سريع أمناء على الوقف، دون محاولة معمقة من جانب المحكمة للعثور على الورثة.

القرار الذي استند الى افتراض أنه لا يمكن العثور على الورثة، تم اتخاذه رغم أن ابنة مشيل شفيلي تظهر في سجل السكان الإسرائيلي؛ لأنها توفيت في العام 1955، بعد إقامة الدولة.

الجهات التي أرادت ذلك كان يمكنها العثور على الورثة بسهولة من خلال بحث بسيط في وزارة الداخلية. "من كان يريد العثور علينا سيعثر علينا بسهولة"، قال بن يائير. "حتى أرقام بطاقات الهوية لابناء العائلة تجاوزوها – رقم هوية أخي ينتهي بالرقم 03 ورقم هويتي ينتهي بالرقم 04 وجدتي بالرقم 05 وجدي بالرقم 06.

في العام 2004 أراد القيم العام، الذي أدار العقار باسم الدولة منذ العام 1967 معارضة تعيين الأمناء الجدد بذريعة أنه يجب العثور على أبناء العائلة. ولكن المحكمة رفضت طلبه. بعد سنة نقل القيم العام العقار لمامو وشيفر، حتى أنه دفع لجمعية "مستوطنو صهيون" 250 ألف شيقل عن ايجار الشقة الذي حصلت عليه الدولة من السكان الفلسطينيين حتى ذلك الحين. في السنوات التسع بعد ذلك استمرت الجمعية في التمتع باموال العقار التي بلغت 600 ألف شيكل.

في العام 2011 نجحت جمعية أخرى وهي لجنة الطائفة الجورجية في السيطرة على العقار بدعم المحكمة الحاخامية. ايضا هذه الجمعية لم تعمل على البحث عن الورثة. تدلل محاضر نقاشات المحكمة الحاخامية في 2016 على أن اللجنة الجورجية عرفت أنه يوجد ورثة قانونيون للعقار، الذين لا يستفيدون منه، وحتى أنها كانت تعرف أسماءهم. "قالوا لي إن العقار كان يعود للبروفيسور يائير فلان. البروفيسور ميخائيل بن يائير. نعمل من أجل العثور عليه"، قال القيم الجورجي، دافيد بندر، في احد النقاشات.

 

"عدم نزاهة"

عندما بدأ حي الشيخ جراح بالبروز في العناوين في اعقاب اخلاء عائلات فلسطينية من بيوتها قبل عقد تقريبا، انضم بن يائير الى مظاهرات حركة "التضامن مع الشيخ جراح" ضد المستوطنين. وحتى أنه كتب كتيبا عن الموضوع قال فيه إن عائلات اليهود، الذين تم إخلاؤهم حصلوا على التعويضات في السابق عن البيوت. لذلك، طلب إعادة البيوت هو طلب غير قانوني وغير أخلاقي.

قبل سنتين اكتشف بن يائير بأن المستوطنين بدؤوا باجراءات اخلاء للبقالة التي اعتقد أنها جزء من بيت جدته. في اعقاب ذلك توجه الى القيمة العامة، المحامية سيغال يعقوبي، التي هي ايضا القائمة بأعمال مدير عام وزارة العدل. "حتى ذلك الحين كنت على ثقة بأن العقار بقي مسجلا على اسم جدتي، وانطلقت من فرضية أنه يعيش هناك فلسطينيون لاجئون بدون خوف؛ لأننا حصلنا على التعويضات في 1948. وحتى أنني لم أفحص في الطابو"، قال.

وقد قال بن يائير في لقاء مع القيمة العامة إنها قامت باجراء فحص واكتشفت أن العقار تم نقله. "قلت لها نحن الورثة. عندها طلبت رؤية وثيقة الوصية. وفي حينه أظلمت عيونها. فقد اكتشفت أن هذا وقف خاص وليس عاما". قال. في اللقاء اكتشف ابناء العائلة للمرة الاولى وصية الجدة. وفي اعقاب ذلك توجه بن يائير وشقيقته نعمه بارتل الى المحكمة وطلبا رؤية ملف الوقف. ولكن المحكمة رفضت هذا الطلب بحجة أنه لا يوجد لديهم ما يكفي من الوثائق من اجل اثبات العلاقة العائلية بجدتهما.

قدم بن يائير التماساً لمحكمة الصلح في تل ابيب، وطلب اجبار وزارة الداخلية على اعطائه الوثائق التي تؤكد أنه هو حقا حفيد الجدة. بن يائير كسب الالتماس، وفي الاسبوع القادم ستعطيه وزارة الداخلية الوثائق.

في الوقت ذاته قدم المحامي ميخائيل سفارد والمحامي الون سفير، بمساعدة حركة "السلام الآن"، طلباً للمحكمة الحاخامية بتعيين ابناء العائلة كأمناء على الوقف. "ميخائيل بن يائير لم يختبئ ولم يتم اختطافه في دولة معادية، ولم يغير اسمه. لا يدور الحديث عن شخص يسهل الوصول اليه، بل عن شخصية عامة تظهر على الملأ، بل نشر كتابا عن الشيخ جراح قبل ثلاث سنوات من ذلك"، كتب سفارد وسفير في الطلب.

القرار حول طلبهما لم يتم اتخاذه بعد. وفي هذه الاثناء أمر القضاة بتجميد جميع النشاطات في الوقف. بن يائير وشقيقته قالا إنهما يأملان في أن يسترجعا في القريب بيتهما، وفيما بعد سيخططان لتقديم دعوى ضد الامناء من جمعية "مستوطنو صهيون" واللجنة الجورجية عن الاموال التي حصلوا عليها من الفلسطينيين خلال هذه السنين.

ولأن وثيقة الوقف تمنع بيع البيت، فان بن يائير يأمل باقناع ابناء عائلته بتأجير العقار للعائلة الفلسطينية التي تعيش فيه بمبلغ رمزي لفترة طويلة. هذا ليس امرا يتعلق بـ "ما لي هو لي وما لك هو لك، بل هذا أمر يعتبر عدم نزاهة ومن غير المعقول، بأي صورة قانونية، أن احصل على التعويض وفي الوقت ذاته أن احصل على العقار الذي بسببه حصلت على التعويض"، قال بن يائير. "هذا ايضا يتعلق باخلاء فلسطينيين سيصبحون لاجئين للمرة الثانية، في حين أنه غير مسموح لهم المطالبة بأملاكهم التي كانت لهم قبل العام 1948. العدل يقتضي أن لا يتم اخلاؤهم وحيازتهم للبيت ستكون مضمونة".

"هذه قصة هستيرية"، قال المحامي سفارد الذي يمثل بن يائير. "الشخص الذي كان يجب البحث عنه يقيم في طابق فوق القيم العام في وزارة العدل. يُظهر هذا قوة التناقض والعلاقة بين الجهات التي تعمل على التهويد وبين المحكمة الحاخامية. المحكمة كان يجب عليها التأكد من أن الامناء لا يشوهون ولا ينفذون نشاطات لا ترغب بها المورثة".

"قصة بن يائير تعطينا فرصة للنظر الى آلية نزع الممتلكات في شرقي القدس"، قالت حجيت عوفران من حركة السلام الآن. "سلطات الدولة والقيم العام والمحكمة الحاخامية هم الذين يسمحون بل يشجعون على اخلاء الفلسطينيين واستبدال المستوطنين بهم. الحكومة لا يمكنها مواصلة الادعاء بأن قصة الشيخ جراح هي موضوع يتعلق بعقارات واحكام ملكية. هذا موضوع سياسي من مسؤولية الدولة، والدولة مسؤولة ايضا عن منع الظلم".

 

المحكمة الدينية: ربما حدث ارتباك

وجاء من ادارة المحكمة الدينية: "في العام 2011 توجه عدد من الاشخاص للمحكمة وادعوا امامها أنه لم يتم العثور على ورثة المرحومة. لذلك، أمرت المحكمة بتفعيل الشرط الوارد في الوصية، والذي يقول إن الوقف سيستخدم للاهداف العامة. وليس من نافل القول أنه يوجد بين القيمين العامين الآن لجنة للطائفة الجورجية. من المادة التي توجد في ملف الوقف يتبين ايضا بأن لاسم الموصية – سارة بن منشه حنه/ شفيلي – تهجئة بطرق مختلفة يمكن أن تسبب الارتباك".

"يجب التأكيد على أن الجهات التي تدعي أنها ورثة المرحومة لم تثبت حتى الآن بأنهم حقا هم الورثة.

وقد جرت حول ذلك محاكمة امام هيئات قضائية اخرى. ورغم ذلك، بسبب الحذر، مع الطلب الاول للمدعي المسؤول عن الاوقاف، المحامية راحيل شكرجي، توجهت المسؤولة للمحكمة وطلبت أن تصدر امرا مؤقتا يأمر القيميين العامين في الاوقاف بأن لا يقوموا بأي نشاط يغير وضع الوقف من ناحية قانونية أو اقتصادية".

"أعطي أمر من قبل المحكمة بصورة فورية، وما زال ساريا حتى الآن رغم أن المدعين بأنهم ورثة الموصية لم يثبتوا قرابتهم بها، رغم أنه مرت نصف سنة منذ اصدار الامر المؤقت. في مجمل الظروف المتعلقة بمرور الوقت الذي مر من تاريخ تأسيس الوقف، فانه مكان العقار والتقلبات التي حدثت في المكان ربما تكون حدثت اخطاء. وفي المقابل، حتى الآن لم يتم اثبات القرابة بين المدعين وبين الموصية".

المحامي شلومو توسيا كوهين، الذي يمثل لجنة الطائفة الجورجية، رفض اعطاء رد على المقال. في ردهم للمحكمة الدينية قال الجورجيون إن بن يائير وشقيقته لم يثبتا قرابة دم مع سارة وأن التصريحات العلنية لبن يائير عن حق الفلسطينيين في المكان تدل على أنه يريد العمل بتناقض مع مبادئ الوقف. لذلك، هو لا يستحق أي جزء منه.

من القيم العام جاء: "يدور الحديث عن وقف تمت ادارته من قبل القيم العام. وبخصوصه قدمت في بداية سنوات الالفين دعوى تحرير من قبل الامناء الذين تم تعيينهم للوقف. ازاء حقيقة أن الامر يتعلق بوقف اهدافه خاصة، بادر القيم العام الى تقديم شكوى في المحكمة، التي قامت بتعيين الامناء، وعرض موقفه بأنه يجب تعيين ابناء عائلة المرحومة كأمناء للوقف. ولكن هذا الموقف رفض من قبل المحكمة، وبناء على ذلك تم تحرير العقار في العام 2006 ونقل الى أمناء الوقف. من نافل القول الاشارة الى أن واجب الامناء الذين تم تعيينهم العمل طبقا لاهداف الوقف مثلما حددت من قبل المرحومة".

ورفض اسحق مامو وجمعية "مستوطنو صهيون" تقديم أي رد.

أحدث أقدم