Adbox

 


وفا – "التعافي بشكل أفضل من أجل عالم منصف ومستدام"، كان عنوان موضوع اليوم الدولي للسلام لعام 2021، والذي يحتفل به العالم في 21 أيلول/ سبتمبر كل عام منذ 1981، بعد أن اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ لتعزيز مُثُل السلام، بحيث يلتزم العالم باللاعنف عبر وقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة.

وهذا العام، دعت الأمم المتحدة للانضمام إلى جهود أسرتها للتركيز على التعافي بشكل أفضل من أجل عالم أكثر إنصافًا وسلمًا من جائحة كورونا، داعية إلى ضرورة الاحتفال بالسلام بالوقوف في وجه أعمال الكراهية في شبكة الانترنت وخارجها، وبنشر التعاطف واللطف والأمل في مواجهة الوباء.

ووفق الأمم المتحدة فإن الوباء يصيب الفئات المحرومة والمهمشة أكثر من غيرها. وبحلول نيسان/أبريل 2021، تلقى أكثر من 687 مليون شخص جرعات لقاح "كوفيد-19" على مستوى العالم، لكن أكثر من 100 دولة لم تتلقَ جرعة واحدة، كما أن الأشخاص المحاصرين في النزاعات معرضون للخطر لأنهم يفتقدون خدمات الرعاية الصحية.

لكن رغم العناوين الكبيرة للأيام والمناسبات الدولية وتعددها التي أقرتها الأمم المتحدة وهياكلها ومنظمات دولية والتي تؤكد ثقافة السلام والحقوق المشروعة للشعوب بالحياة والحرية وتقرير مصيرها، بقيت وفق مختصين عاجزة طيلة العقود السابقة عن إنصاف الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت آخر احتلال يمارس أبشع الانتهاكات بحق البشرية.

ويوضح أستاذ العلوم السياسية وحل النزاعات في الجامعة العربية الأمريكية أيمن يوسف، بأن الاحتفال العالمي بيوم السلام الدولي له سياقات وارتباطات مع الظرف الدولي والمستجدات الإقليمية والدولية التي يشهدها العالم، ويبدو هذا العام عام التعافي من آثار جائحة كورونا التي ضربت العالم في السنتين الآخرتين، والتي تركت تداعيات على كل الدول ووقعت تحت وطأتها كل الشعوب بما فيهم الفلسطينيون.

ويشير إلى أنه خلال عامي الجائحة ظهرت عوامل ومتغيرات عديدة على الحالة الفلسطينية، أهمها عدم قدرة الفلسطينيين على إجراء الانتخابات بفعل سياسات الاحتلال في المدينة المقدسة، حيث لعبت إسرائيل دورا كبيرا في تخريب النموذج الفلسطيني في الديمقراطية والسلام الداخلي؛ عبر منع الفلسطينيين من الذهاب إلى الانتخابات.

وينوه يوسف إلى أن العام الجاري شهد انتخاب حكومة ائتلاف وسط- يمين في دولة الاحتلال بزعامة نفتالي بينت ويائير لابيد، والتي تبدو أنها أقرب إلى اليمين لا اليسار والوسط.

ومنذ تولي حكومة بينت–لابيد سدة الحكم في دولة الاحتلال، توالت التصريحات التي جمعت اللاءات الثلاث: لا اتصال مع الرئيس محمود عباس، ولا مفاوضات، ولا دولة فلسطينية، فيما تسارعت عجلة الاستيطان.

رئيس الوزراء محمد اشتية أكد أمس في مستهل جلسة الحكومة، أن تلك اللاءات تدل على أن برنامج حكومة بينت، لا يتمثل إلا بتعزيز الاستيطان والاستيلاء على مزيد من الأرض، وحرمان أكبر لشعبنا من مصادره الطبيعية وجرف القاعدة الجغرافية لدولة فلسطين.

وأضاف اشتية، أن تصريحات بينيت بحاجة الى وقفة جدية منا جميعا ومن المجتمع الدولي، خاصة الدول التي تنادي وتؤمن بحل الدولتين، لأن ما يعنيه هو الاستمرار في التدمير الممنهج لإمكانية إقامة دولة فلسطين، وهذا يستدعي منا مراجعة لما هي عليه أحوالنا الآن.

ويرى يوسف أن الخطاب الإسرائيلي يركز في هذه المرحلة على تثبيت الوضع الراهن كما هو، بتكريس حالة الانقسام والانفصال بين الضفة وغزة والتهديد بالعدوان مجددا على القطاع، وعدم فتح المجال أمام لقاءات جديدة مع القيادة الفلسطينية.

وتابع: النموذج الإسرائيلي الذي تبناه بينت- لابيد فيما يتعلق بالسلام يبدو أنه مدعوم من الإدارة الأميركية بزعامة بايدن، ويميل للعمل مع الظروف الإنسانية والاقتصادية أو تثبيت السلام الاقتصادي، والتعامل مع الضفة الغربية وقطاع غزة كل على حدة، وبالتالي تثبيت الانقسام وتمرير الرؤية الإسرائيلية لمشروع السلام.

وتظهر الخطابات الإسرائيلية المتكررة من رأس الهرم لبيد-بينت وكل مكونات حكومة الائتلاف الاحتلالي وفق يوسف، على أنها تركز على خطوات أحادية قائمة على أساس إعطاء مجموعة من "التسهيلات" الخدماتية الاقتصادية للفلسطينيين، والتهديد بالحرب على القطاع مرة أخرى، واستمرار حملات تكثيف الاستيطان والسيطرة على الأراضي وربما تهجير الفلسطينيين بشكل صامت، مؤكدا أن ذلك جزء من الاستراتيجية الإسرائيلية بهذه المرحلة.

وأضاف، "كذلك تكثيف الاستيطان وعدم التواصل مع القيادة الفلسطينية وربما الذهاب باتجاهات التطبيع مع الدول العربية والسلام الاقتصادي، جميعها تشكل الاستراتيجية والرؤية الإسرائيلية التي تتنافى مع سلام حقيقي على أرض الواقع".

ويؤكد يوسف أن السلام يعني إعطاء متنفسات للفلسطينيين على مستوى الجغرافيا والديمغرافيا، متنفسات من أجل أن تكون الدولة الفلسطينية قادرة على الحياة والتواصل الجغرافي والاستراتيجي.

ويرى أن الرؤية الإسرائيلية تكاد تكون ثابتة في تعاملها مع الفلسطينيين، بصرف النظر عمن كان يدير حكومة الاحتلال نتنياهو أو بينت أو أي زعيم آخر من اليسار ويسار الوسط، لكن بينت كان الأكثر وضوحا في التعبير عن اللاءات الإسرائيلية.

ولمواجهة تلك السياسة، يؤكد يوسف على ضرورة ترتيب الأوضاع الداخلية الفلسطينية والذهاب إلى انتخابات ووضع استراتيجية للتعامل مع المتغيرات، وأن يبنى الموقف الفلسطيني بناء على الرؤية الإسرائيلية التي تمنع وتخرب أي مشروع للتسوية وللمفاوضات الحقيقية بين الطرفين.

وحول ردود الفعل الدولية حول الخطابات الإسرائيلية، يرى يوسف أن هناك تساوقا أميركيا واضحا مع التصريحات الإسرائيلية، حيث خلت الإشارات الأميركية من إشارة إلى مشروع سياسي تفاوضي حقيقي، وأن الإدارة الأميركية بزعامة بايدن ما زالت تراوغ وغير واضحة فيما يتعلق بالمشروع السياسي الحقيقي القائم على أساس الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة عام 1967.

ويشير "يبدو أن أوروبا غير معنية في هذه المرحلة بإثارة أميركا وإسرائيل وأن لها أولويات أخرى، كما أن العالم مر بجائحة كورونا التي استنفدت العديد من الموارد والمصادر، معتقدا أن أغلب دول العالم غير مكترثة بما يجري في فلسطين، كونها مشغولة بترميم الآثار السلبية لجائحة كورونا وإعادة فتح الاقتصاد للعملية الإنتاجية وفتح قنوات للحياة الطبيعية.

ويؤكد يوسف أن دولة الاحتلال تستغل الظرف الدولي الذي يحاول معالجة آثار الجائحة، ليس على مستوى الدول فقط، وإنما الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية، التي تحاول فرض وقائع على الأرض، إضافة إلى قنوات التطبيع التي فتحتها مع بعض الدول العربية، مؤكدا أن كل ذلك شجع إسرائيل وساعدها أن تتبنى وجهة نظر أحادية فيما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين.

أحدث أقدم