Adbox

 


وفا- بدا صوت منال القدسي على الهاتف مرتجفًا حين بدأت تتحدث عن أطفالها، ثم توقفت عن الكلام.

دخلت منال من مدينة الخليل في نوبة بكاء قصيرة وهي تروي معاناة أطفالها بسبب الاقتحامات المتكررة لجيش الاحتلال للمنزل، والتحقيق معهم وترهيبهم، والتي كان آخرها قبل نحو شهرين.

حينها، اقتحم جيش الاحتلال منزل القدسي، وأخرج الأطفال إلى الخارج لالتقاط صور لهم، وسط حالة من الضحك من قبل الجنود. وقد انتشر مقطع مصور على مواقع التواصل الاجتماعي يوثق هذا الاعتداء، حيث ظهر في الفيديو حالة الخوف والهلع التي انتابت الأطفال.

أُجهش الأطفال بالبكاء والصراخ بصوت عال، حاولت منال الاقتراب من أطفالها لتهدئتهم، لكن جنود الاحتلال لم يسمحوا بذلك، وأبقوها بعيدة عنهم.

يقابل منزل القدسي سياج يحيط بمستوطنة "كريات أربع" المقامة عنوة على أراضي المواطنين، وفي كل مرة يقع فيها أي شيء، يقتحم الجنود المنزل على الفور، ويخرجون الأطفال للتحقيق معهم، عدا عن التعامل معهم بطريقة عنيفة وبقوة.

تركت هذه الاعتداءات المتكررة آثارا لن تمحى من ذاكرة الأطفال، وهو ما انعكس على تفاصيل حياتهم اليومية.

"كل عدة أيام يقتحم الجيش المنزل، إما يخرجون الأطفال إلى الشارع ويوقفوهم مقابل الكاميرا المنصوبة عند المستوطنة، للتأكد من هويتهم، أو يحتجزوهم في غرفة لوقت طويل من أجل التحقيق معهم" تقول منال.

وتضيف في حديث مع "وفا": "بات الأطفال يواجهون صعوبة في التعليم، واضطراب سلوكي، وهواجس الخوف التي تسيطر عليهم ليلا، والقلق الدائم، إضافة للتبول اللإرادي".

وتتابع: أضحى البيت مخيفا جدا، وغالبا ما أجد أحد أطفالي السبعة يقفون عند نافذة الغرفة، يراقبون بحذر وخوف حركة الشارع، خوفا من اقتحام جديد.

وتؤكد: لقد سلبوا الطفولة من أولادي، ولم يعودوا كالأطفال، ولا يخرجون من البيت إلا للمدرسة، وعندما أخبرهم بالذهاب للعب من أقارنهم يرفضون ذلك، ويقولون لنا: نخشى أن يأتوا في أي لحظة.

تحاول منال جاهدة التعامل مع أطفالها بطريقة عقلانية، وتقليل حالة التوتر لديهم، عبر سرد القصص والتحدث الطويل معهم، واللعب معا، لكن تواجه صعوبة في ذلك.

وتقول: "دائما ما أجدهم سارحين، وأحيانا أعيد الكلام عليهم أكثر من مرة حتى يستطيعوا فهمه، وهذا أمر يقلقني جدا".

يصادف، اليوم العشرين من تشرين الثاني من كل عام، اليوم العالمي للطفل.

وفي فلسطين، يتعرض الأطفال إلى جرائم متواصلة من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث استشهد منذ بداية العام الجاري، وحتّى نهاية شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي 77 طفلا، واعتقل 1194.

وقال مدير برنامج المساءلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال عايد أبو قطيش لـ"وفا" إن الحركة وثقت عملية قتل 77 طفلا في الأراضي الفلسطينية المحتلة 16 منهم في الضفة الغربية بما فيها القدس، و61 في قطاع غزة، (منهم 60 طفلا استشهدوا خلال العدوان الإسرائيلي على القطاع الذي استمر لمدة 11 يومًا، إضافة لطفل بعد العدوان الإسرائيلي).

ولفت إلى أنه لم يكن هناك أي اعتبار من قبل دولة الاحتلال لكل المعايير والمبادئ الدولية فيما يتعلق بحماية الأطفال، حيث أن الأطفال الذي تم قتلهم في الضفة الغربية لم يشكلوا أي خطر على حياة الجنود الإسرائيليين لحظة إطلاق النار عليهم، وفي قطاع غزة فقد كان واضحا الاستخدام المفرط للقوة داخل المناطق المدنية، والنتيجة قتل أعداد كبيرة من المدنيين بينهم الأطفال، مشيرا إلى أن العديد من الأطفال الذي تم قتلهم خلال العدوان على القطاع هي من ذات الأسرة الواحدة، حيث وثقنا حالات قتل لأطفال أخوة، وفي بعض الأسر تم محوهم من السجل المدني بسبب الجرائم الاسرائيلية في قطاع غزة.

وأضاف أبو قطيش: كل الأطفال الذين يتم اعتقالهم يتعرضون لأشكال مختلفة من اساءة المعاملة والتعذيب، والهدف الأساسي هو انتزاع اعترافات منهم من أجل استخدامها كأدلة إدانة أساسية أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية التي تفتقد لضوابط ومعايير المحاكمة العادلة، والهدف منها هو أحد وسائل السيطرة والاخضاع التي تستخدمها إسرائيل ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وفي الوقت الذي تعجز فيه إسرائيل عن إدانة الأطفال في هذه المحاكم يتم إصدار أوامر اعتقال إداري بحقهم، حيث أن هناك 4 أطفال قيد الاعتقال الاداري.

وأكد أن الحركة وثقت خلال الفترة الممتدة من تشرين الأول/أكتوبر 2015 ولغاية اليوم إصدار أوامر اعتقال إداري ضد 41 طفلا فلسطينيا.

وقال أبو قطيش إن الهدف من الاعتقال هو ترويعهم والضغط عليهم، كما أن الاعتقاد الاسرائيلي أن الاطفال هم نقطة الضعف في النسيج الاجتماعي الفلسطيني، وجميعنا شاهدنا عملية اقتحام أحد المنازل في الخليل وتصوير الأطفال، لافتا إلى أن هذه ممارسة متكررة من قبل سلطات الاحتلال، وهي ليست المرة الأولى التي يلجؤون لها، فيما يتم استخدام أشكال مختلفة من التعذيب واساءة المعاملة، إلا أننا نتفاعل أكثر عندما يكون هناك تسجيل فيديو أو صورة توضح عملية الاعتقال.

أحدث أقدم