Adbox

 


وفا- لم تمض 48 ساعة على مصادقة ما تسمى "اللجنة المحلية للتخطيط والبناء" في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي الخليل، على بناء 372 وحدة استطيانية جديدة، حتى أعلن عن اقتحام مرتقب للرئيس الإسرائيلي اسحق هرتسوغ، يوم غد الأحد، للحرم الإبراهيمي الشريف في الخليل، احتفالًا بعيد "الأنوار" اليهودي، ضمن سلسلة متواصلة من الانتهاكات الإسرائيلية، التي تخالف القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وكافة القرارات الأممية ذات الصلة.

وتعمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضمن سياسة تبادل الأدوار بين حكومتها ومستوطنيها المدججين بالسلاح، على توسيع الاستيطان في قلب البلدة القديمة بالخليل ونهشها ومحيطها، حيث تحولت إلى ثكنة عسكرية للاحتلال، بحجة حراسة 400 مستوطن يستعمرون البلدة، لتفرض واقعًا صعبًا على حياة المواطنين، وتواصل محاولات تهويد الحرم الإبراهيمي والاستيلاء عليه بعد تقسيمه وإخضاع الجزء الأكبر منه تحت سيادتها.

خبير الخرائط والاستيطان في محافظة الخليل، المهندس عبد الهادي حنتش قال لــ"وفا"، إن إعلان سلطات الاحتلال بناء 372 وحدة استيطانية في الخليل، ونية هرتسوغ زيارة الخليل، تؤكد ضرب حكومة الاحتلال كافة المعاهدات والاتفاقيات والقرارات الدولية عرض الحائط، والتي كان منها قرار اليونسكو بإدراج البلدة القديمة في مدينة الخليل والحرم الإبراهيمي على قائمة التراث العالمي للمحافظة عليها كموروث ثقافي وإنساني خلال جلسة "اليونسكو" في مدينة كراكوفيا في بولندا عام 2017، ومن ثم اعتماد لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، خلال اجتماعها الـ42 المنعقد في العاصمة البحرينية المنامة عام 2018، قرارا متعلقا بحالة الحفاظ على بلدة القدس القديمة وأسوارها، والثاني يخص حالة الحفاظ على بلدة الخليل القديمة التي تبقى بسبب الانتهاكات الإسرائيلية على لائحة التراث العالمي المهدد بالخطر، لكن القرارات بقيت حبرًا على ورق.

وأضاف أن قرار الاحتلال إقامة 372 وحدة استيطانية جديدة، عقب شروعه ببناء رياض أطفال في محطة الحافلات القديمة، الواقعة في شارع الشهداء بما نعرفه نحن الفلسطينيون بـ "الكراج" الملاصق لمدرسة أسامة بن المنقذ والتي حوّلها الاحتلال الى معهد ديني لتخريج الحاخامات، يؤكد أن حكومة الاحتلال أداة من أجل تبييض خروج مستوطنيها عن القانون الذي سنّته هي، لأنها أصدرت قرارًا في الثمانينيات من القرن الماضي يقضي بإعادة محطة الباصات التي حوّلتها قبل عدة عقود معسكرًا لجيشها الى أصحابها، كما أصدرت لاحقًا قرارا بفتح شارع الشهداء أمام الفلسطينيين، لكن الشارع ما زال مغلقًا يقسّم المدينة لقسمين حتى اليوم، وممارساتها الاستفزازية واعتداءاتها في كافة أرجاء محافظة الخليل متواصلة وعلى اشدها، في ظل صمت عربي وعالمي غير مسبوق.

وحذّر حنتش، من خطورة المرحلة التي تمر بها محافظة الخليل بشكل عام ووسط مدينتها والحرم الإبراهيمي بشكل خاص، بسبب محاولات الاحتلال فرض سيطرته عليها وعلى الحرم عبر إعلان بناء المئات من الوحدات الاستيطانية فيها وإقامة عشرات نقاط التفتيش الالكترونية على مداخل الحرم والمناطق المغلقة في البلدة القديمة، والمحاولات المتكررة لمنع رفع الأذان في الحرم ومباشرتها إقامة مصعد كهربائي بمساحة 395 مترًا مربعًا لتغيير معالمه وتهويده والاستيلاء الكامل عليه.

مدير عام لجنة إعمار الخليل عماد حمدان لــ"وفا" أوضح أن عدد المحلات التجارية المغلقة في الخليل القديمة بلغت 1829 محلًا تجاريًا، منها 512 محلًا مغلقة بأوامر عسكرية، وما يزيد عن 600 بسبب إغلاق المنطقة من قبل سلطات الاحتلال.

وقال حمدان إن قرارات الاحتلال بمجملها، ومنها قرار بناء الوحدات المذكورة في "كريات أربع"، تهدف لربط أربع بؤر استيطانية في البلدة القديمة من مدينة الخليل، وهي: الحسبة وسوق الخضار القديم "أبراهام أفينو"، والدبويا "بيت هداسا"، وأسامة بن المنقذ "بيت رومانو"، وتل الرميدة "رامات يشاي" وغيرها من المستوطنات المقامة على أطراف البلدة والبؤر والمعسكرات الإسرائيلية ببعضها البعض مع مستوطنة "كريات أربع"، لتكون بمجملها ما يسمونه "الحي اليهودي"، ما يعزّز سيطرة المستوطنين على الخليل وقلبها.

من جانبها، حذرت بلدية الخليل من خطورة تداعيات قرار بناء 372 وحدة استيطانية جديدة، معتبرةً ذلك انتهاكًا صارخًا لكل القوانين والأعراف الدولية التي تجرِّم الاستيطان، وخطوة جديدة نحو تهويد المدينة وفتح باب الاستيطان على مصراعيه، ما يعني إمعانها في التضييق على المواطنين وانتهاك أبسط حقوقهم المشروعة.

وأكد رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة، أنّ البلدية لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه هذه الانتهاكات الخطيرة، وستعمل جاهدةً على مواجهة قرار البناء وغيره، داعيًا كل الجهات الحقوقية والدولية للتصدي لهذا القرار والضغط على حكومة الاحتلال لوقف انتهاكاتها واعتداءاتها بحق ممتلكات المواطنين والمؤسسات.

وحمّل حكومة الاحتلال المسؤولية عن تداعيات القرار، قائلاً: "حكومة الاحتلال هي الداعم الأول والرئيسي للاستيطان والمستوطنين، وقرار بناء 372 وحدة استيطانية جديدة في الخليل دليل جديد على أن الحكومة التي تقود دولة الاحتلال هي حكومة مستوطنين متطرفين هدفها فقط سرقة المزيد من الأراضي والممتلكات الفلسطينية لصالح توسيع الإستيطان على أراضينا التي احتلت عام 1967م.

وكانت وزارة الخارجية والمغتربين، قد حذرت من المحاولات الإسرائيلية الرسمية الهادفة إلى تشتيت الاهتمام الدولي الرافض للاستيطان نحو اتجاهات إقليمية أخرى، خاصة نتائج وتداعيات البناء الاستيطاني على فرصة تحقيق السلام على أساس مبدأ حل الدولتين، الذي يتعرض لأبشع عملية تخريب ناتجة عن ممارسات الاحتلال الاستعمارية ومواصلة سرقة الأرض الفلسطينية والسيطرة عليها.

وحمّلت "الخارجية" حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة والمباشرة عن بناء هذه الوحدات الاستيطانية الجديدة في مستوطنة "كريات أربع" شرق مدينة الخليل، مطالبةً المجتمع الدولي والإدارة الأميركية بالذات الوفاء بالتزاماتهم، وتحويل الأقوال والمواقف إلى إجراءات عملية وأفعال كفيلة بحماية حل الدولتين وردع الاحتلال وإجباره على وقف الاستيطان بأشكاله كافة، وبوضع منظومة الاستيطان ككل على قوائم الإرهاب لديها، بما في ذلك منظمات المستوطنين وميليشياتهم وعناصرهم الإرهابية المسلحة.

وتتعرض الخليل القديمة لهجمة استيطانية تزداد شراسة يومًا بعد يوم، الى جانب الهدم والحصار والانتهاكات بحق قاطنيها، وممارسة أبشع أشكال الفصل العنصري عليهم، وهذا يندرج ضمن التصعيد الإسرائيلي والإرهاب المنظّم الذي يمارسه الاحتلال ومستوطنوه على المواطنين وممتلكاتهم في كافة أنحاء الخليل التي لها خصوصيتها التاريخية والدينية.

أحدث أقدم