Adbox

 


بقلم: مصطفى بشارات

دون الخوض في نظام العلاوات - منهجيا كان أو اعتباطيا، عادلا أو متحيزا - ومع التأكيد على وقوفي التام إلى جانب المعلمين لاعتبارات قيمية ومهنية تتصل بهم وشخصية تتعلق بقناعاتي، أرى أن الحاجة باتت ماسة، اليوم وقبل الغد، ليس لإنقاذ النظام التعليمي الذي يعاني أزمة حادة هناك العديد من الشواهد عليها، بل لترميم وجسر ما بقي من علاقة بين الطلبة ومدارسهم بعد الضعف الكبير الذي شاب أواصر هذه العلاقة نتيجة الاغلاقات التي شهدتها المدارس على مدار سنتين بسبب وباء كورونا وتراجع حجم الحصة الممنوحة لنظام التعليم الوجاهي وتعويضها بنظام للتعليم عن بعد لم يكن جادا إن لم نقل كفؤا، وما فاقم المشكلة هذه السنة الدراسية أنه تم تقسيمها إلى أربع فترات يفصل بين كل فترة وأخرى عطلة لا تقل عن أسبوع إلى عشرة أيام ولما حل موعد الفترة الأخيرة دخل المعلمون بإضرابهم المعروف وأصبح هناك جفاء حاد، إن لم أقل قطيعة، بين الطلاب والمدارس، وينسحب هذا على علاقتهم بالنظام التعليمي برمته.

من البداية قلت إن استحقاق المعلم، بأعلى علاوة وأفضل راتب، مسألة لا جدال فيها، وكما ذكرت فإن موضوع نظام العلاوات والطريقة التي تقر فيها وارتباط ذلك على الدوام بالإضرابات المطلبية للنقابات ليست مثار نقاش في مقالي هذا مع تأكيدي على أهمية البحث فيه، لكن موضوعي هنا هو لفت الانتباه إلى خطورة أن يصل التردي في العلاقة بين الطالب والمدرسة إلى هذا المستوى من الجفاء والنفور الكبيرين.

هناك أسباب عديدة لذلك لا يتسع المجال لذكرها هنا ولا تنحصر فقط بالإضرابات المتكررة للمعلمين والاغلاقات التي رافقت انتشار وباء كورونا بل بأمور عديدة تتصل بنهج حكومي عام متبع يجب البحث بفلسفته وأهدافه ومنطلقاته لا أقول من أجل إنقاذ النظام التعليمي الفلسطيني بل، على الأقل، لحمايته ومنع دخوله إلى نفق مظلم قد يتعذر لو حصل ذلك، لا سمح الله، إخراجه منه.

أذكّر أخيرا بأن الاضرابات المطلبية للمعلمين بدأت منذ عهد الرئيس الشهيد ياسر عرفات - أي منذ الأيام الأولى لعمر السلطة الوطنية الفلسطينية - وحتى اليوم لم يتم، للأسف، إيجاد حل، لا نقول جذريا بل على الأقل مقبولا، لهذه المشكلة، بالتالي على القيادة، بما يشمل المنظمة والسلطة والفصائل، التوقف عند أسباب فشل الحكومات الفلسطينية المتعاقبة في ذلك، واذا أردنا توسيع دائرة المكاشفة والمساءلة، لطالبنا بالبحث في أسباب فشل تلك الحكومات في تحقيق مطلبي تعزيز صمود المواطنين الفلسطينيين، من جهة، وتقوية الاقتصاد الفلسطيني وضمان انفكاكه التدريجي عن الاحتلال، من جهة ثانية، ولا نقول فشلها في تحقيق تنمية مستدامة فلا تنمية من هذا النوع في ظل استمرار الاحتلال.

أحدث أقدم