Adbox

 


وفا- صعودا من خيام المواطنين إلى معرش أقامه مستوطنون في وقت قريب على سفح ربوة مطلة على سهل أرضي في الفارسية، تستغرق الطريق أكثر من عشر دقائق، فالطريق وعرة وجبلية، وذات انحدار يصعّب الحركة للوصول إلى القمة.

لكن العكس صحيح، فعند نزول المستوطنين إلى خيام المواطنين لا تستغرق المسافة من المعرش أكثر من دقيقتين فقط.

والفارسية خربة فلسطينية كان يسكنها قبل عام 1967، مئات المواطنين، لكن اليوم بات يسكنها ما يقارب 125 فردا، يزيد عددهم وينقص باختلاف الظروف، وتشهد هذه البقعة الجغرافية نشاطا استيطانيا ضخما منذ شهرين تقريبا، ويوجد فيها أربع مستوطنات.

يقول شامخ دراغمة، وهو سليل عائلة امتهنت على مدار سنين تربية الماشية، "إن أصواتهم تنخر في آذاننا حينما يأتون إلى المعرش، كأنهم يقصدون ذلك".

قبل عشرة أيام، استيقظ المواطنون في الفارسية منتصف الليل على جلبة خلف خيامهم، وحين تتبعوا مصدر الأصوات وجدوا أن عددا من المستوطنين أحضروا معدات لبناء معرش، لتبدأ مناوشات ومشادات بالكلام.

هيئة مقاومة الجدار والاستيطان ومحافظة طوباس، وفصائل العمل الوطني دعت قبل أسبوع لمسيرة مناهضة للاستيطان، لكن الاحتلال قمعها عند حاجز تياسير، على بعد أكثر من 15 كيلومترا من الفارسية.

جالسا قبالة المعرش قال دراغمة: "قبل أن يضع المستوطنون هذا المعرش وأنا في حرب مستمرة معهم، اليوم هم بجواري وبالتأكيد المشاكل ستزداد".

بالنسبة لمنصور أبو عامر، فإن وجود المعرش في ذلك المكان يعني أنه لا أمان على حياتهم. وأبو عامر واحدة من عائلات فيها أطفال ونساء وكبار سن. يقول لمراسل "وفا"، "اليوم صرنا نخشى على أطفالنا كثيرا".

ويكرر دراغمة الكلام ذاته عندما قال إنه لا يأمن على زوجته وأطفاله بالخروج من الخيام أثناء رعيه مواشيه في الجبال القريبة من المضارب خاصته.

بصورة فعلية، يبدو المستوطن قد وضع نفسه بين خيام المواطنين على مسافات متفاوتة، وبسبب ذلك يسري تخوف كبير بين المواطنين أن يكون هذا المعرش بداية لعمل أكبر. فعلى سبيل المثال، على بعد بضع مئات من الأمتار شمالا من ذلك المعرش، زرع مستوطنون قبل عامين أشجار زيتون، ووضعوا معرشا مشابها، حيث أصبحت المنطقة المحاذية له اليوم قاعدة لإنشاء مدرسة دينية.

وأظهر بحث صادر عن معهد الأبحاث التطبيقية في القدس (أريج)، بعنوان "السياسات الإسرائيلية تجاه الأراضي في الأغوار"، أن الاستيطان الإسرائيلي في الأغوار يمتد من مستوطنة "ميخولا" شمالا انتهاء بمستوطنة "متسييه شاليم" جنوبا.

وأضاف أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة شجعت المستوطنين على الاستيطان في المنطقة الشرقية للضفة الغربية، أو ما يطلق عليها (منطقة العزل الشرقي)، من خلال تقديم حوافز مالية لهم وإعفائهم من دفع رسوم مالية معينة، كما شجعتهم على استغلال المناطق المحيطة بالمستوطنات وزراعتها وفلاحتها، وذلك للسيطرة على مزيد من الأراضي الزراعية الفلسطينية.

أحدث أقدم