وفا- صادقت الكنيست
الإسرائيلية الأربعاء، على مشروع قانون يقضي بسحب المواطنة أو الإقامة من
أسرى داخل أراضي العام 48 والقدس المحتلة، وإبعادهم إلى الضفة الغربية أو إلى قطاع
غزة، إذا ثبت حصولهم على مساعدات مالية من السلطة الوطنية، وذلك بتأييد 95 عضو
كنيست، ومعارضة 9 أعضاء، هم النواب العرب.
ويمنح
هذا "القانون" الصلاحية لوزير الداخلية، ويمكنه تفعيلها على من تم
اعتقاله بتهمة "ارتكاب عمل إرهابي"، والذي من شأنه فتح الباب أمام تهجير
الفلسطينيين المواطنين في إسرائيل، والمقدسيين من سكان شرق القدس إلى مناطق الضفة
الغربية المحتلة أو قطاع غزة.
ووفقا
لمشروع القانون، يجب "أن يوافق وزير الداخلية على إلغاء الإقامة والترحيل في
غضون 14 يوما، ويجب أن يصادق وزير القضاء على القرار في غضون 7 أيام، والمحكمة في
غضون 30 يوما".
وبدا
رئيس الائتلاف الإسرائيلي وأحد المبادرين إلى مشروع القانون أوفير كاتس، سعيدا
للغاية بسن هذا القانون العنصري إذ قال: "هذه الخطوة هي فجر حقبة جديدة،
وسيتبعها العديد من الخطوات. الإرهابيون الذين يتلقّون أموالا من السلطة
الفلسطينية سيطيرون من هنا إلى غزة ورام الله، حان وقت الردع".
يقول
رئيس تحالف الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير داخل أراضي العام 48 أحمد الطيبي
في تصريحات صحفية، إن الخطير في هذا القانون أنه يتعامل مع السكان العرب الذين هم
مواطنون أصيلون، على أنهم مواطنون مع وقف التنفيذ، بينما يتعامل مع اليهودي الذي
جاء مؤخرا إلى هذه البلاد، وفقاً لقانون الهجرة اليهودي بأن مواطنته دائمة وأبدية.
ويضيف:
"هذه هي الفوقية والعنصرية اليهودية الإسرائيلية، فهناك يهود ارتبكوا جرائم
إرهابية لم يفكر أحد في سحب مواطنتهم، أو إقامتهم، أو معاقبتهم بسحب الجنسية أو
الإقامة منهم أو من عائلاتهم، كما يفعلون اليوم، فهناك من يريد أن يقول للفلسطيني
في أرضه أنت مؤقت واليهودي لو جاء من أقصى بقاع الأرض قبل أسبوع، هو الدائم".
ويشير
الطيبي، إلى أن الخطير فيه أيضا أنه جاء نتيجة التصويت عليه بعدما طرحه مبادرون من
الحكومتين الجديدة والقديمة، وهذا ما يؤكد الإجماع الصهيوني على سن قوانين ضد كل
ما هو فلسطيني، فيما أن من عارض هذا القانون هم فقط النواب العرب.
وأوضح،
أن القانون لا يسري بأثر رجعي، كما أن على الحكومة الإسرائيلية أن تثبت لمن يسري
عليه هذا القانون أنه تسلم مخصصات من السلطة الوطنية اليوم، وليس في الماضي، مشيرا
إلى أن الاحتلال سيحاول تلفيق تهم لعدد من النشطاء الفلسطينيين، الذين تتهمهم
إسرائيل بـ"الإرهاب" أو الانضمام إلى فصائل فلسطينية.
ولفت
الطيبي إلى أن إسرائيل سحبت في الماضي المواطنة من عدد من فلسطينيي أراضي 48، غير
أن القانون الجديد يسهّل عملية سحب المواطنة، بالتالي يصبح الذي يسري عليه هذا
"القانون" بلا مواطنة ولا إقامة، بقصد إبعاده إلى الضفة الغربية أو قطاع
غزة.
ويؤكد،
أن هذا القانون مخالف للقانون الإسرائيلي نفسه، إذ ينص على أنه "يمكن طرد أي
مواطن أو سحب جنسيته إذا كانت له جنسية أخرى، لكن كل الأسماء المطروحة لتفعيل هذا
القانون لا يملكون جنسيات أخرى".
ووفق
المركز القانوني لحقوق الأقلية العرب في إسرائيل "عدالة"، فإن الكنيست
الإسرائيلية لا تدخر جهدا منذ عقود، من أجل إنشاء نظامين قضائيين مختلفين في
الدولة ذاتها، يفرقان على أساس عنصري بين المجموعات السكانية على أساس العرق، واحد
لليهود وآخر للفلسطينيين، وفي هذه الأيام ازدادت وتيرة العمل في هذه الحكومة، من
أجل تعميق الفصل العنصري وترسيخ الفوقية اليهودية".
وأكد،
أن هذا القانون ينتهك القانون الدولي والإنساني بشكل واضح وفاضح، كونه يمس بحقوق
الإنسان الأساسية، وخاصة أنه موجه ضد الفلسطينيين فقط، إذ إنه ينضم إلى سلسلة
طويلة من التشريعات، السابقة والمستقبلية، التي تسعى إلى ترسيخ نظامين قضائيين
يقومان في دولة واحدة، تعتمد مبدأ الفصل العنصري.
وتابع
المركز: "تشابكت أيدي أحزاب من المعارضة والائتلاف في الكنيست الإسرائيلية،
من أجل سن قانون عنصري إضافي ضد الفلسطينيين، ولا يخفي نص القانون وصياغته أنه
كُتب وُأقر ضد الفلسطينيين فقط دون غيرهم، من أجل انتهاك المزيد من حقوقهم
الأساسية، هذه المرة من خلال توفير إمكانية إضافية لسحب جنسيتهم أو مواطنتهم،
وتهجيرهم من أرضهم ومنازلهم، بما يخالف القانون الدولي والإنساني.
وتشير
تقديرات المراقبين إلى أن حدود هذا القانون أبعد من مسألة الاسرى وحسب، بل بداية
قوننة واسعة وسافرة لطرد جماعي للفلسطينيين، وتشمل أيضا منع أحزاب عربية من خوض
انتخابات الكنيست، كما وتتيح سحب المواطنة والإقامة لتنفيذ مشاريع تطهير عرقي خاصة
لسكان منطقة المثلث الشمالي او ما يعرف بمنطقة وادي عارة.
واعتبر
مراقبون ان القانون يشكل أداة قانونية احتلالية لتفريغ القدس من أهلها الفلسطينيين
وطردهم لصالح استيطانها وتهويدها، وجعل "الوضع القائم" في الأقصى
والمقدسات غير ممكن.
كما
يشكّل القانون نظاما قائما على الفصل العنصري، إذا أنه يسري على الفلسطينيين وحدهم
بتهمة "الأرهاب" حسب التعريف الاسرائيلي واعتبار مخصصات السلطة
الفلسطينية للأسرى جريمة، ويتيح توفير الحماية القانونية للارهابيين اليهود الذي
قاموا بجرائم حرب ضد الفلسطينيين.
ويتناقض
القانون المذكور وبشكل صارخ مع القانون الدولي الذي يمنع طرد مواطن من بلده ما لم
تتوفر له مسبقا جنسية ومواطنة أخرى.
ورأى
مراقبون أنه سيكون لهذا القانون تبعات محلية وفلسطينية وإقليمية، اذ سيمنح
استخدامه لدولة الاحتلال أداة لتغيير الطابع الديمغرافي للقدس بالكامل، كما يتيح
سحب المواطنة جماعية من فلسطينيي ال48 في مناطق محاذية للخط الأخضر.
وتتحكم
إسرائيل بالمقدسيين، وفلسطينيي أراضي 48، فيما يحملون من وثائق من ناحية الإصدار
والتمديد أو الإلغاء، والحجة "الأمنية" حاضرة على الدوام، وهكذا تتبخر
كل الوثائق التي يحملها الفلسطينيون تحت سلطة الاحتلال، ويُحكم عليهم بقوانين تصدر
لتحافظ على الائتلافات الحكومية وتطرفها، وليس بقوانين تصدر من دولة طبيعية تتكون
من أرض وشعب.
ويحمل
الفلسطينيون داخل أراضي 48 ثلاثة أنواع من الوثائق هي: بطاقة هوية وجواز سفر
إسرائيليان، وهم في هذه الحالة يعُتبرون مواطنين إسرائيليين لهم الحقوق وعليهم
الواجبات، فيما يبلغ عددهم نحو مليون و600 ألف، وأغلب المعتقلين منهم محكومون
بالسجن المؤبد، وهم معروضون الآن لسحب الجنسية والطرد إلى مناطق السلطة الوطنية في
الضفة أو قطاع غزة.
وفي
القدس، هناك قرابة 100 ألف فلسطيني، يحملون بطاقة إقامة مؤقتة في إسرائيل، وجواز
سفر أردنيا مؤقتا; لأن الأردن هي صاحبة الوصاية على الأماكن المقدسة، ويُعتبرون
بأنهم ليسوا مواطنين إسرائيليين ولا مواطنين أردنيين، ولا يحملون ما يثبت
فلسطينيتهم بالوثائق، وبالتالي هم معرضون لسحب الإقامة المؤقتة والطرد إلى مناطق
الضفة أو غزة.
ويقبع
420 أسيراً من مدينة القدس بينهم 45 قاصراً، في سجون الاحتلال، في حين يصل عدد
الأسرى من داخل أراضي 48 إلى أكثر من 100 أسير، حسب نادي الأسير الفلسطيني.