Adbox

يتصاعد العدوان الإسرائيلي على مناطق غرب ووسط محافظة خان يونس، جنوب قطاع غزة، في اليوم الـ110 من العدوان، وقد أجبر الاحتلال عشرات آلاف المواطنين على النزوح باتجاه محافظة رفح، في ظل الأجواء الباردة والماطرة، ما خلق معاناة متواصلة.

"الأيام" واصلت نقل مشاهد جديدة من العدوان المستمر على محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة، إذ ركزت على حال النازحين من خان يونس، ومشهد آخر يوثق عمليات استهداف الفارّين من الموت، وثالث يسلّط الضوء على حصار المستشفيات في المحافظة، ومشهد أخير بعنوان "البحث عن الإنترنت مهمة شاقة ومحفوفة بالمخاطر".

نازحون في العراء وتحت المطر

لليوم الثالث على التوالي يواصل عشرات آلاف النازحين التدفق إلى محافظة رفح، جنوب قطاع غزة، بعد أن فروا من القتال العنيف المندلع في محافظة خان يونس.

وتزايد عدد النازحين بصورة كبيرة بعد إلقاء جيش الاحتلال منشورات على المحافظة، تطالب المربعات "107,108،109،110،111،112"، وهي تقع في مناطق: النصر، ومركز المدينة، ومخيم خان يونس، و"المعسكر"، بالإخلاء الفوري، والتوجه إلى منطقة مواصي رفح.

ووصل مواطنون إلى مناطق المواصي، وحي تل السلطان، ومركز مدينة رفح، وبات الوضع في المحافظة كارثياً، إذ انتشر النازحون في الشوارع، والمناطق الخالية، وأغلبهم لم يجدوا مأوى يقيمون فيه، ما دفعهم إلى البقاء في العراء وتحت المطر، وفي ظل أجواء شديدة البرودة.

وقال نازحون: إنهم وبعد يومين من الحصار والقصف، قرؤوا منشورات الإخلاء وسارعوا بمغادرة المنطقة، وسط الخوف والهلع، إذ أكد المواطن يونس ربيع أن النازحين تعرضوا للاستهداف وأخطار كبيرة، ومن نجا ووصل إلى محافظة رفح، فإنه يعيش ظروفاً صعبة.

وأشار إلى أن المشهد في مناطق وسط وغرب خان يونس كان خطيراً، فالمواطنون يهربون بما استطاعوا حمله، وسط القصف وتساقط القذائف، مبيناً أن حالة النزوح التي شاهدها كانت كبيرة ولم يسبق لها مثيل، خاصة أن عشرات الآلاف ممن كانوا يتواجدون في مدارس وكالة الغوث "الأونروا"، ومراكز إيواء، نزحوا عنها.

بينما ناشد نازحون من خان يونس يتواجدون في مناطق غرب رفح، سرعة نجدتهم، وإنشاء مخيمات جديدة تؤويهم، وتقديم مساعدات عاجلة لهم، خاصة في ظل الأجواء العاصفة والماطرة.

وشهدت محافظة رفح، منذ فجر الإثنين الماضي، وصول ما يزيد على نصف مليون نازح جديد، ليقترب عدد المواطنين والنازحين المتواجدين حالياً في المحافظة، قرابة 1.8 مليون نسمة، أي ما يعادل 85% من سكان قطاع غزة.

استهداف النازحين

منذ توسيع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، صعّد الاحتلال عمليات استهداف النازحين، سواء في مراكز الإيواء، أو خلال رحلة النزوح، أو حتى بعد وصولهم إلى مناطق النزوح.

ومنذ فجر الإثنين الماضي، صعّدت الطائرات والمدفعية الإسرائيلية عمليات استهداف النازحين غرب خان يونس، إذ قصفت ستة مراكز تؤوي نازحين، واستهدفت نازحين خلال تحركهم، وقصفت خياماً أقامها نازحون غرب رفح.

ووفق ما أكده "المرصد الأورومتوسطي" لحقوق الإنسان، فإن جيش الاحتلال استهدف آلاف النازحين في منطقة المواصي جنوب قطاع غزة، رغم الترويج بأنها منطقة آمنة، معتبراً أن ذلك يعد تكريساً لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة.

وذكر "الأورومتوسطي" أن إسرائيل تؤكد عبر استهدافها الممنهج للنازحين إصرارها على تنفيذ خططها العلنية للتهجير القسري للسكان، وبث الشعور لديهم بأنه لا يوجد مكان آمن في قطاع غزة.

ولفت "المرصد" إلى أنه وثق قصفاً إسرائيلياً على 5 مراكز إيواء أبرزها جامعة الأقصى، التي استشهد فيها 5 مدنيين منهم طفلان وامرأتان، في وقت حاصرت فيه قوات الاحتلال الآلاف داخل مبنى "الصناعة" التابع للأمم المتحدة.

وبيّن أن آلاف النازحين في منطقة المواصي اضطروا للنزوح باتجاه رفح، فيما نزح آخرون باتجاه مدينة دير البلح، وجرى استهداف بعضهم من جيش الاحتلال أثناء النزوح.

كما وثق "المرصد" استشهاد ما لا يقل عن 70 مدنياً، منهم نساء وأطفال، جراء قصف إسرائيلي استهدف نازحين في منطقة المواصي وغرب خان يونس عموماً.

وأكد "المرصد" أنه تلقى إفادات بتنفيذ جيش الاحتلال إعدامات ميدانية وإطلاق النار باتجاه 3 أشخاص كانوا يرفعون رايات بيضاء خلال محاولتهم الوصول إلى منزلهم لإخراج 50 شخصاً من أفراد عائلاتهم من منزل محاصر غرب مخيم خان يونس.

وأوضح أن شن جيش الاحتلال هجمات متعمدة ضد مراكز الإيواء والنزوح ينتهك صراحة قواعد القانون الدولي، كما أن وسائل تنفيذ هذه الهجمات تنتهك مبدأ التمييز، ولا تراعي معايير التناسبية والضرورة العسكرية.

ودعا محكمة العدل الدولية إلى تسريع قرارها اتخاذ تدابير عاجلة لوقف الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، ضد سكان قطاع غزة، وحمايتهم من أي ضرر جسيم إضافي وغير قابل للإصلاح.

مستشفيات محاصرة

يتصاعد الوضع الأمني في محافظة خان يونس على نحو خطير وغير مسبوق، مع تشديد الاحتلال حصاره لمناطق غرب المحافظة، ومنع سيارات الإسعاف وطواقم الإنقاذ من الوصول إلى الجرحى والشهداء، الذين ما زالوا في الشوارع والطرقات.

ويتزامن هذا الوضع السيئ مع حصار مستشفيات محافظة خان يونس، وحالة ضغط كبير تواجهها، واستمرار تعرضها للقصف وإطلاق النار، خاصة مستشفيات ناصر، والأمل، والخير، وغيرها.

وأكد الناطق باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، أن الاحتلال يرتكب مجازر في مناطق غرب محافظة خان يونس، ويمنع حركة سيارات الإسعاف في تلك المناطق، ما يحول دون نقل الشهداء والجرحى.

وبيّن القدرة أن مباني مجمع ناصر الطبي تتعرض للشظايا، ما يعرض حياة المرضى والطواقم والنازحين للخطر، موضحاً أن الاحتلال يضع مجمع ناصر الطبي ومستشفى الأمل في خان يونس في دائرة الخطر الشديد.

وأشار إلى أن طواقم الإسعاف تلقت الكثير من المناشدات والبلاغات بوجود شهداء في الشوارع والطرقات، وداخل المنازل، ولم تتمكن فرق الإنقاذ من الوصول إليهم، أو انتشالهم حتى الآن، بسبب انتشار القناصة، والطائرات المسيّرة التي تطلق النار باتجاه كل ما هو متحرك في المنطقة.

وقال المواطن وائل عبد اللطيف، الذي تمكن وعائلته من النزوح من محيط جامعة الأقصى، أمس: إنه شاهد جثامين لشهداء مضرجين بدمائهم على الأرض، وبعضهم مضى على استشهادهم يومان، ولم تستطع فرق الإنقاذ من الوصول إليهم.

في حين أكد مواطنون أنهم شاهدوا جرحى ونازحين يفرون من مجمع ناصر الطبي، بعد تشديد الحصار عليه، ومخاوف اقتحامه.

وتعاني مستشفيات خان يونس المحاصرة اكتظاظاً كبيراً جداً بالجرحى والمرضى، ممن يتواجدون في الطرقات، والشوارع، وسط مخاوف من تأثرها جراء تشديد الحصار.

البحث عن الإنترنت مهمة شاقة

دفع الانقطاع المتكرر والطويل للاتصالات في قطاع غزة مئات المواطنين لخوض رحلات بحث شاقة وخطيرة للحصول على الخدمة، ولو لدقائق معدودة، للتواصل مع ذويهم، والاطمئنان عليهم.

وباتت خيارات الحصول على الخدمة في ظل انقطاعها من الشركات الفلسطينية في ظل العدوان محدودة، ولا تتعدى الشركات الإسرائيلية، أو شرائح الاتصال الدولي "esim"، وكلاهما بحاجة لوجود شبكة اتصال إسرائيلية.

ويتوجه مواطنون إلى مناطق شرق قطاع غزة، أو يصعدون فوق مبانٍ عالية، بهدف الحصول على تغطية تمكنهم من الاتصال بالشبكة.

وقال الشاب أحمد صيام، من سكان مدينة غزة، وهو نازح إلى محافظة رفح: إنه يقطع يومياً نحو 3 كيلومترات حتى يصل إلى منطقة مرتفعة شرق رفح، للحصول على تغطية لبطاقته الدولية، تمكنه من الدخول إلى شبكة الإنترنت، لقراءة الرسائل التي يرسلها ذووه، ويرسل لهم رسائل أخرى، ويعرف أخبارهم، ويتحدث مع أقربائه المقيمين في الخارج.

ونوّه إلى أن مناطق جنوب قطاع غزة تشهد انقطاعاً لخدمات الإنترنت لمعظم الوقت، وهذا دفعه للبحث عن البدائل باستمرار، لكن الأمر لا يخلو من خطورة، إذ تعتبر المناطق التي يمكن توفر الاتصالات والإنترنت فيها خطيرة جداً، واحتمالات استهداف المواطنين فيها مرتفعة، لكنه رغم ذلك مضطر للمغامرة.

بينما قال المواطن عبد الله حسنين: إنه استطاع وبعد جهد توفير شريحة اتصالات مصرية، ويضطر يومياً للتوجه إلى بناية مرتفعة جنوب مدينة رفح، ويصعد على سطحها، حتى يتوفر إرسال للهاتف، يمكنه من الاتصال بالشبكة.

وأوضح أن الوقوف على بناية مرتفعة في ظل هذه الظروف أمر يحمل الكثير من الخطر، لكنه مضطر، إذ بات الإنترنت والاتصالات في مثل هذه الظروف العصيبة ضرورة مُلحة، يسعى الجميع إلى توفيرها، بهدف استمرار التواصل مع الأقارب والأصدقاء.

أحدث أقدم