Adbox

 


بقلم: يوئيل جوجنسكي

ترجمة "الأيام" عن «يديعوت أحرونوت» - رغم الحرب، وربما بسببها لم يتوقف الانشغال بموضوع التطبيع المحتمل بين إسرائيل والسعودية. فقد عملت الإدارة الأميركية على تحريك متجدد للمسيرة التي سعت حماس وإيران لوقفها في 7 أكتوبر.

بعد أربعة اشهر من الحرب يمكن أن نقدر بحذر بأن الدوافع الأساسية لدى الولايات المتحدة والسعودية لم تتغير. فالولايات المتحدة تسعى لتثبيت نظام إقليمي جديد بقيادتها كي تحسن التصدي لإيران وتؤكد أنها لن ترحل الى أي مكان. اما السعودية، من جهتها، فتسعى لتثبيت مكانتها وأمنها، وأساسا حيال ايران، من خلال تعزيز العلاقات مع واشنطن، وقائمة مطالبها طويلة وفي بعضها اشكالي.

هذه الأهداف بعيدة المدى والدوافع التي تقبع خلفها بقيت على حالها، غير ان السعودية – ومعها الدول التي وقعت مع إسرائيل على اتفاقات سلام – تسعى منذ بداية الحرب لان تبعد نفسها عن التماثل مع إسرائيل ولإبداء التضامن مع الفلسطينيين. لا ينبغي لهذا ان يفاجئ من يتابع المزاج العام في الشارع العربي. السفراء العرب لا يوجدون هنا، وسفراء إسرائيل في الدول العربية عادوا بمعظمهم الى البلاد، وأساساً لاعتبارات الامن او بسبب طلب من السلطات. بالتوازي تعاظمت التظاهرات ضد إسرائيل وازداد النقد في وسائل الاعلام العربية ومعه النشاط السياسي العربي لوقف الحرب. بعض من الدول وعلى رأسها اتحاد الامارات اشارت الى أنها تقف من خلف اتفاقات السلام لكنها بردت، علنيا أساسا، العلاقات.

موقف الجمهور في الدول العربية تضرر في اعقاب الحرب. والآن اكثر من 90 في المئة من المواطنين يعارضون التطبيع مع إسرائيل. والنتيجة هي انه تتسع الفجوة بين سياسة الأنظمة وموقف المواطنين. رغم أن الحديث يدور عن دول ليست ديمقراطية، سيفضل زعماء الدول العربية الالتفاف على الرأي العام في صالحهم وعدم السير ضده، وذلك لأن اتساع الفجوة من شأنه، في ظروف معينة، ان يعرض استقرار الأنظمة للخطر.

احدى نتائج عملية التطرف هذه هي ارتفاع ثمن التطبيع المحتمل. فلئن طلب السعوديون قبل 7 أكتوبر ان يروا تأييدا إسرائيليا لحل الدولتين، لكنهم كانوا غامضين كي يبقوا لأنفسهم حرية المناورة السياسية. اما اليوم فهم يطلبون ان يروا خطوات إسرائيلية عملية في هذا الاتجاه. السعوديون ليسوا وحدهم. كما ان ثمن صيانة العلاقات العلنية مع اتحاد الإمارات سيرتفع، في المدى الزمني القصير على الأقل.

حتى وان بقيت الدوافع للسلام على حالها فان اعتبارات الكلفة – المنفعة لدى الأنظمة العربية تتغير. في نظرهم إسرائيل ليست فقط لم تهزم بعد حماس، الكريهة على قلوبهم، بل المشاهد من غزة تؤدي الى اضطرابات لدى جماهيرهم وبقي على حاله خطر الانزلاق الى مواجهة إقليمية مع إيران ووكلائها ستمس بهم أيضا.

ان الاستعداد الأميركي لمنح الدول العربية جزرات مختلفة تحسن لاستقرارها وأمنها بقي الدافع الأساس لديها لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل وتعميق دورها في غزة في اليوم التالي لحماس. لكن المسألة الفلسطينية تصبح اكثر مركزية لها، ومعها الثمن السياسي الذي ستكون إسرائيل مطالبة بان تدفعه.

كلما تعززت المشاعر المناهضة لإسرائيل في الدول العربية هكذا يرتفع الثمن، ليس فقط ثمن اختراق سياسي مع السعودية بل وثمن صيانة العلاقات القائمة مع دول السلام القديم والجديد. حماس وإيران لم تقتلا مسيرة التطبيع، لكنهما مستا بها، وعلى إسرائيل أن تحاول استئنافها كجزء من تحقيق أهدافها في الحرب.

 

أحدث أقدم