جريدة الايام - خلّف
العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة لليوم الـ134 على التوالي، مآسي كبيرة في
صفوف المدنيين، مع تفاقم معاناة النازحين، وزيادة حالات الجوع، حيث تتواصل المآسي
والمشاهد الصعبة.
واصلت
"الأيام" رصد مشاهد جديدة من العدوان، مع التركيز على تراجع أعداد
شاحنات المساعدات التي تصل إلى قطاع غزة يومياً، ومشهد آخر يرصد كيف باتت بحرية
الاحتلال تشكل تهديداً للنازحين والمركبات، ومشهد ثالث تحت عنوان: "يوميات
قاطني الخيام"، ومشهد رابع وأخير يرصد الدعوات المتصاعدة إلى تشكيل لجان
شعبية لمواجهة مظاهر الفوضى في القطاع.
تراجع
كبير في المساعدات
حدث
تراجع كبير في عدد شاحنات المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة منذ أكثر من أسبوع،
بسبب استمرار إغلاق معبر كرم أبو سالم من قبل المستوطنين، إضافة إلى القيود
الإسرائيلية في عمليات تفتيش الشاحنات التي تصل إلى غزة.
ووفق
هيئة المعابر والحدود في قطاع غزة، فإن دخول الشاحنات للقطاع انخفض لأكثر من 20%،
فعلى سبيل المثال، شهد، الخميس الماضي، دخول نحو 20 شاحنة مساعدات فقط، بينما كان
الحد الأدنى في السابق يصل إلى 150 شاحنة يومياً.
وأرجع
رئيس فرع الهلال الأحمر المصري بشمال سيناء المصرية، خالد زايد، أسباب تراجع أعداد
شاحنات المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة، إلى العراقيل الإسرائيلية المتمثلة
بداية في بطء إجراءات تفتيش الشاحنات الفلسطينية في معبري العوجا وكرم أبو سالم،
منذ بداية الحرب، فضلاً عن تعطيل العمل لدى الاحتلال، والعراقيل التي سببها
المستوطنون، الذين يتظاهرون عند المعبرين، متعمدين عرقلة تمرير شاحنات المساعدات
إلى غزة، تحت مسمع ومرأى قوات الاحتلال، التي تشجعهم على ذلك.
وأدى
تراجع دخول المساعدات إلى تعمّق الأزمة في قطاع غزة، وعدم حصول المواطنين على
حاجتهم من المواد الغذائية، إذ قال المواطن نبيل حمدان، وهو نازح يقيم في محافظة
رفح، إنه لم يعد يحصل على نفس الكمية من المواد الغذائية التي كان يتسلمها من مركز
إيواء يقيم فيه.
وبيّن
حمدان أنه بات يحصل على نصف الكمية السابقة، ويبحث عن طعام لأطفاله في
"التكايا"، والمطابخ الخيرية، التي انخفض عددها جراء تراجع المساعدات
التي تصل إلى غزة، مشيراً إلى أن الطرود الغذائية التي كانت توزع على النازحين
والمواطنين، انخفضت لأكثر من النصف مقارنة بالفترة الماضية.
بحرية
الاحتلال تهديد للنازحين والمركبات
بعد
إغلاق الاحتلال شارع صلاح الدين بشكل كامل، من محافظة رفح جنوباً، وحتى شمال
القطاع، بات شارع الرشيد الساحلي هو الطريق الوحيد الواصل بين محافظات وسط القطاع
وجنوبه، مع استمرار فصل مدينة غزة والشمال.
لكن
شارع الرشيد المذكور، يخضع لسيطرة بحرية الاحتلال، نظراً لقربه الشديد من البحر،
وانكشافه بصورة كاملة أمام الزوارق والبوارج الحربية، التي تواصل استهداف النازحين
المتواجدين في منطقة المواصي، والمركبات، وبعض الصيادين ممن يحاولون وضع شباكهم
قرب الشاطئ.
ويومياً
يصل شهداء وجرحى جراء قصف البوارج الإسرائيلية لمناطق ملاصقة للشاطئ، كما تستهدف
تلك الزوارق مركبات المواطنين، وشاحنات نقل المساعدات، التي تسلك هذا الطريق.
وذكر
نازحون يقيمون في مناطق المواصي في محافظتي رفح وخان يونس، جنوب القطاع، أن
الزوارق الإسرائيلية باتت بمثابة الخطر الأكبر الذي يتهدد المواطنين، نظراً
لاستمرار عمليات القصف وإطلاق النار من خلالها.
وقال
المواطن النازح رائد كلاب، إن منطقة الشريط الساحلي التي تعج بالنازحين، باتت ساحة
قصف مفضلة للزوارق الإسرائيلية، التي تواصل إطلاق النار بصفة مستمرة، ما يشكّل
خطراً على الجميع، ويومياً يصل رصاص الزوارق وقذائفها إلى محيط مناطق الخيام، ويتم
نقل شهداء ومصابين.
ولفت
إلى أن الزوارق الحربية تتعمد أيضاً استهداف القوارب التي وضعها الصيادون على
الشاطئ، إضافة إلى استهداف بعض الصيادين، الذين يحاولون تحصيل قوت عائلاتهم قرب
الشاطئ.
بينما
أكد سائقون أن طريق الرشيد بات من أخطر الطرق في قطاع غزة، فهو مكشوف تماماً
للزوارق، التي تستطيع بسهولة استهداف المركبات، لذلك يحاول سائقون البحث عن طرق
بديلة، في محاولة لتجنب السير أمام الزوارق.
ومنذ
بدء العدوان، فرض الاحتلال حصاراً بحرياً كاملاً على قطاع غزة، ومنع مراكب
الصيادين من دخوله، كما تم الدفع بعدد كبير من الزوارق والقطع البحرية إلى البحر،
التي تشارك في الهجمات وعمليات القصف بصورة متواصلة.
يوميات
قاطني الخيام
يعيش
مئات الآلاف من النازحين من قاطني الخيام، حياة بائسة وقاسية، ويعانون الأمرّين من
أجل توفير متطلبات أسرهم المختلفة، بصورة يومية.
وعادة
ما يبدأ يوم هؤلاء المواطنين مبكّراً، مع طلوع الشمس، إذ يستيقظون متأهبين
للانطلاق من أجل البحث عن المأكل، والمشرب، والوقود، وغيرها من المتطلبات اليومية
الصعبة.
لكن
طبيعة الطقس تحدد شكل اليوم، فإذا كان الطقس ماطراً وعاصفاً، يفضل الآباء البقاء
في الخيمة إلى جانب أبنائهم، للتصرف سريعاً في حال هطلت أمطار، وأغرقت الخيمة، أما
إذا كان الطقس صافياً، فتبدأ رحلة المعاناة التي تمتد حتى مغيب الشمس.
وأوضح
المواطن إبراهيم يعقوب، أن يوميات قاطني الخيام قاسية وصعبة، فأول شيء يتم فعله في
الصباح توفير الوقود والطعام، وغالباً ما يكون الوقود عبارة عن كرتون، أو خشب، أو
أغصان أشجار، يتم البحث عنها في المناطق القريبة، أو في الأحراش، ما قد يعرّض
بعضهم للاستهدافات من الطائرات المُسيّرة، كما حدث في مرات عديدة.
وبيّن
أن توفير هذه الأشياء يستغرق بين 3 و4 ساعات، وعندما تصبح الساعة 11 صباحاً، ينتقل
العمل إلى مرحلة ثانية، وهي البحث عن الماء، وشحن البطارية والهواتف النقالة،
للإنارة ليلاً، وهي مهمة صعبة، مع بُعد مصادر المياه، والحاجة إلى السير مسافات
طويلة، للوصول إلى مسجد أو مستشفى، ليتم شحن البطارية والهواتف فيه، ويضطر
للانتظار عدة ساعات بجانب البطارية والهواتف حتى يتم شحنها.
من
جهتها، قالت المواطنة ليلى صالح، إنها تستيقظ مبكراً وتجهّز موقد النار، بانتظار
عودة زوجها حاملاً الحطب والخشب، ليشعل النار وتبدأ بإعداد الطعام، الذي لا يتعدى
كونه بعض أنواع المعلبات، أو بطاطا.
وأشارت
إلى أنها تنتظر عودة زوجها من رحلة البحث عن الماء، لغسل الملابس، وتنظيف الأواني،
وتعبئة عبوات المياه العذبة، وتواصل العمل حتى مغيب الشمس.
وأكدت
أنها تنتظر بفارغ الصبر حلول الليل، فالنهار شاق ومتعب، وتكون بحاجة للنوم
والراحة، حتى تستعد للعمل في اليوم التالي، الذي تتجدد معه المعاناة والمشقة.
دعوات
لتشكيل لجان شعبية
تصاعدت
دعوات المواطنين والمثقفين والنشطاء، إلى ضرورة تشكيل لجان شعبية من الشباب،
مهمتها مواجهة مظاهر الفوضى التي تنتشر بشكل سريع في قطاع غزة، خاصة في محافظة
رفح.
وطالب
نشطاء ومواطنون بتشكيل لجان مكونة من مجموعات من الشبان، تتولى مهمة تأمين شاحنات
المساعدات، التي تخرج من معبر رفح، باتجاه مراكز التوزيع، إضافة إلى تولي تلك
اللجان مهمة محاربة الاحتكار، ورفع الأسعار في الأسواق، وضبط الحالة الأمنية في
الأحياء السكنية، وتطويق الشجارات.
وقال
المواطن خالد عمر، إن الفوضى بدأت تستشري بشكل مقلق في القطاع، خاصة بعد التغييب
المتعمد من الاحتلال للشرطة، عقب تعمد استهداف مركباتها وعناصرها، ما حدّ من
قدرتها على التحرك في القطاع، وهذا يتطلب أن يتولى المواطنون، ولجان الأحياء مهمة
الحفاظ على الأوضاع الداخلية.
ونوّه
عمر إلى أنه شارك في دعوات لتشكيل اللجان، التي يجب أن يكون من أولويات عملها
تأمين شاحنات المساعدات، والعمل على وقف مهاجمتها من قبل بعض اللصوص وقطاعي الطرق،
فضمان أمن وسلامة المساعدات هو أول أبواب الاستقرار.
وأكد
أنه يتوجب على كل حيّ تشكيل لجنة من الشبان المتطوعين، ولا ضرر من حمل بعض السلاح
الأبيض، والعصي، لإخافة اللصوص، ومن ثم تشكيل لجان عامة، يتم التنسيق بينها للعمل
على إنهاء ظواهر الفوضى، التي باتت منبوذة على مستوى الشارع.
بينما
قال المواطن حسام عابد، إنه وفي حال لم يتم تدارك الأمر، وتولي المواطنين أنفسهم
مهمة حماية المساعدات، والمؤسسات، ومنع التعديات، فإن دائرة الفوضى ستتسع، وتصبح
هناك عصابات منظمة، تقوم بعمليات سطو وهجمات على المؤسسات والمنازل، مؤكداً أن
غياب الجهات الأمنية يتطلب تدخلاً شعبياً فورياً.
ولفت إلى أن هناك اتصالات ومقترحات تتم بلورتها حالياً، للخروج بخطة عمل، تتولى فيها العائلات ولجان الأحياء والوجهاء مهمة حفظ الأمن، من خلال مجموعات من الشبان، ليكونوا بمثابة لجان حماية شعبية، وليقفوا في وجه المعتدين.