مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة في يومه الـ394 على التوالي، ورصدت استمرار الجرائم الإسرائيلية في القطاع، وتبعات الحصار، والقرارات الإسرائيلية الجائرة بحق الفلسطينيين.
ومن بين المشاهد الجديدة التي رصدتها "الأيام"، مشهد يرصد القلق العميق في صفوف اللاجئين بعد قرار الاحتلال حظر عمل وكالة الغوث "الأونروا" في الأراضي الفلسطينية، ومشهد آخر تحت عنوان: "البقاء في المناطق الخطرة"، ومشهد ثالث يوثق تصاعد دعوات المواطنين بالتصدي للصوص المساعدات والبضائع في القطاع.
قلق من تبعات قرار حظر "الأونروا"
أبدى مواطنون مخاوف كبيرة من تبعات قرار الاحتلال حظر عمل وكالة الغوث الدولية "الأونروا"، في الأراضي الفلسطينية، معتقدين أن مثل هذا القرار سيؤدي إلى عواقب وخيمة، وستكون له آثار كارثية على جميع اللاجئين.
وأكد لاجئون أن الاحتلال تجاوز خلال العدوان الحالي كل القوانين والأعراف الدولية، ونفذ خططاً كان يحلم بتنفيذها منذ عقود، ومن بينها إنهاء وجود "الأونروا"، التي تمثل المؤسسة الدولية الوحيدة التي تعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين، وهي بذلك تُحاول إنهاء قضية اللاجئين، ضمن خططها لطمس حق العودة، الذي كفلته قرارات مجلس الأمن الدولي.
وقال المواطن عبد الله الملاحي، إنه ومنذ نعومة أظفاره يعتمد وعائلته على "الأونروا"، في التعليم، والصحة، والمعونات الغذائية والنظافة، وغيرها، ويعتبر أنها المؤسسة الدولية التي وجدت من أجل خدمة اللاجئين حتى عودتهم، ومحاولة تقويضها أو إنهاء دورها أمر كارثي، له عواقب وخيمة.
وشدد على وجوب تصدي العالم كله لما يحاول اليمين الإسرائيلي المُتطرف تنفيذه بحق اللاجئين، فقد يكون إنهاء عمل "الأونروا"، مقدمة لتهجير اللاجئين، وإخراجهم من قطاع غزة، وتشتيتهم في العالم.
بينما قال المواطن علي نصر الله، إنه يتوقع أن تبدأ إسرائيل بتطبيق خطوات عملية لإنهاء وجود "الأونروا"، في قطاع غزة والضفة، مثل تدمير مقراتها، ومنع دخول المساعدات الإنسانية لها، وربما قتل واعتقال موظفيها.
وأشار إلى أن وقف عمل "الأونروا"، يمثل كارثة، فوكالة الغوث تعتبر المؤسسة الوحيدة التي تعمل بشفافية عالية، والمساعدات التي توزعها تصل للجميع، بلا استثناء، بخلاف المؤسسات الأخرى التي توزع المساعدات بشكل عشوائي.
ولفت نصر الله إلى أن بيانات الإدانة التي صدرت عن الكثير من الدول أمر جيد ومهم، لكن الأهم من ذلك أن يتبع هذه البيانات زيادة الدعم المالي للمؤسسة التي شُكلت بقرار أممي، ولا يمكن حلها إلا بقرار أممي، ولا يوجد دولة أو جهة تمتلك قرار وقفها.
وكان حقوقيون أكدوا أن قرار منع عمل "الأونروا" في قطاع غزة مخالف للقوانين الدولية، ويعتبر تعدياً جديداً على حقوق اللاجئين، وإمعاناً في تجويعهم وحصارهم، ومحاولة لسلب الشرعية الدولية عنهم وعن قضيتهم.
البقاء في المناطق الخطرة
دفع الاكتظاظ الشديد في مناطق مواصي خان يونس، والبرد القارس في ساعات الليل، عشرات الآلاف من المواطنين للبقاء في بيوتهم رغم أنها تقع ضمن مناطق خطرة، تتعرض بشكل يومي للقصف المدفعي والجوي، وعمليات التوغل المفاجئة.
ورغم الخطر، وسقوط شهداء يومياً، ما زالت مناطق شرق وجنوب شرقي محافظة خان يونس تغص بالمواطنين، وكذلك الحال في مخيمي البريج، والمغازي، وشمال مخيم النصيرات.
وبيّن المواطن سعيد ماضي، أنه يقيم في حي المنارة جنوب شرقي محافظة خان يونس، وقد تعرض الحي لعمليتي توغل كبيرتين في غضون أقل من شهر، أسفرتا عن سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى.
ولفت ماضي إلى أن خياراته في الإقامة محدودة، فإما خيمة في منطقة المواصي المزدحمة، يعاني فيها أبناؤه من البرد، والأمراض، وإما البقاء في بيته وسط المخاطر، وهو اختار البقاء في بيته.
وأوضح أنه نزح عن منزله ليلة الخميس الماضي بعد هجوم مفاجئ للدبابات، وأقام ليلة واحدة في خيمته بمنطقة المواصي، التي أقامها إلى جانب خيمة شقيقه، وفي الصباح وبعد انسحاب قوات الاحتلال من المنطقة عاد إلى بيته من جديد، ووجد أن الرصاص أصابه، ودخلت الشظايا غرف نوم أطفاله.
من جهته، قال المواطن سمير مصطفى، الذي يقيم شرق محافظة خان يونس، إنه يعلم وغيره من المواطنين أن الإقامة في مناطق خزاعة، وعبسان، وبني سهيلا، والفخاري، والعمور، تحمل خطورة كبيرة على المواطنين، وهناك شهداء وجرحى يسقطون بشكل يومي في صفوفهم، لكن لا يوجد خيار أمامهم.
وذكر مصطفى أنه ورغم الخطر، والسقوط اليومي للقذائف داخل تلك المناطق، إلا أنها ما زالت تنبض بالحياة، وفيها أسواق عامرة، وحركة نشطة في الشوارع، وكأن الناس هناك تساوت لديهم الحياة والموت.
وأكد أنه وغيره ما زالوا يرفضون ترك بيوتهم، معتبراً أنهم ليسوا أفضل من سكان مخيم جباليا، الذين صمدوا في منازلهم، "وتحدوا أعتى قوى الشر في العالم، وما زالوا يقاومون ويعملون على إفشال خطط التهجير التي يحاول الاحتلال تنفيذها في تلك المناطق"، داعياً الجميع إلى الثبات في بيوتهم، وعدم مغادرتها، فمن خرجوا من منازلهم باتجاه مدارس الإيواء قصفوا، ومن توجهوا للخيام قتلتهم الطائرات، ولا يوجد أي مكان آمن في قطاع غزة.
دعوات بالتصدي للصوص المساعدات
تصاعدت الدعوات الشعبية والأهلية بضرورة التصدي للصوص الذين يواصلون السطو على شاحنات المساعدات، ويمنعون وصول المواد الغذائية للجوعى في مناطق جنوب ووسط قطاع غزة.
وبات اللصوص يؤثرون بشكل كبير على وصول المساعدات والبضائع للقطاع، خاصة الطحين، حيث تتعرض الشاحنات للسرقة خلال سيرها على شارع صلاح الدين، إذ توجد عصابات منظمة، أفرادها مُسلحون، يقومون بسرقة الشاحنات.
وأشار المواطن عبد الله حمدان، إلى أن الإغلاق الطويل للمعبر بسبب "الأعياد اليهودية" وما صاحبه من توقف لدخول البضائع أدى إلى إفراغ الأسواق من البضائع، وارتفاع الأسعار، وبالتالي تفاقم المعاناة، حيث كان المواطنون ينتظرون إعادة فتح المعبر بفارغ الصبر حتى يتحسن الوضع، وحين فتح المعبر، نشط اللصوص وسرقوا الشاحنات، والمحصلة أن المساعدات لم تصل إلى مستحقيها، والبضائع لم تصل للأسواق.
وأوضح حمدان أن اللصوص يعيثون في الأرض فساداً، وأصبح التصدي لهم ضرورة مُلحة، خاصة أن أسماءهم باتت معروفة، وهناك صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تخصصت في فضحهم، ونشر أسمائهم وصورهم، لافتاً إلى أن تركهم سيشجع المزيد للحذو حذوهم.
وأكدت مصادر مطلعة، أنه وبعد ضغط من مؤسسات دولية، وافق الاحتلال على تغيير مسار بعض الشاحنات عبر محور صلاح الدين "فيلادلفيا"، الذي يسيطر عليه، لكن هذا لم يمنع اللصوص من السطو على الشاحنات، إذ باتوا ينتشرون في كل مكان، مستغلين الحالة الأمنية، واستهداف الاحتلال للعناصر الأمنية الذين يحاولون ملاحقتهم.
في حين أكد المواطن محمد بربخ، أن المبادرة يجب أن تكون من العائلات والعشائر، ففي هذا الوقت العصيب يجب أن يكون للعائلات دور رئيس، لتشكيل لجان حماية أهلية، والتصدي للصوص، في كل مكان.
وشدد على ضرورة عقد مؤتمر يجمع العشائر والعائلات الكبيرة في جنوب ووسط قطاع غزة، والاتفاق على خطوات عملية للتصدي للظاهرة، ووقف الفوضى الحاصلة، وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها، فالوضع في مواصي خان يونس أصبح صعباً، والمواطنون يبحثون عن رغيف خبز ولا يجدونه، في حين يسطو اللصوص على شاحنات الطحين، ويضعونها في مخازنهم، ويحرمون الناس منها.