Adbox

جريدة القدس - حديث القدس/ مع وصول وفد ضمّ قياديين من حركة «حماس» إلى قطاع غزة بعد اتصالات مصرية مع كل من إسرائيل و «حماس»، وما يتردد من تقارير حول مفاوضات جارية تحت مسمّى «التهدئة» بعد أن ألغى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو زيارة مقررة له إلى كولومبيا تحت شعار «التطورات الخاصة بقطاع غزة» والإعلان في إسرائيل عن أن اجتماعا للمجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر سيخصص لدراسة مقترحات قدمها كل نيكولاي ميلادينوف مبعوث الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط ومصر بشأن هدنة جديدة بين إسرائيل وحماس لعدة سنوات والجدال الدائر في إسرائيل حول إذا ما كانت هذه الهدنة ستتضمن إعادة الأسرى الإسرائيليين من القطاع، هذه التطورات تبعث على التساؤل أولا: أية هدنة أو تهدئة هي تلك التي يتم التفاوض حولها؟ وهل باتت قضية قطاع غزة منفصلة تماما عن مجمل القضية الفلسطينية؟ وهل يكتسب أي اتفاق قد يتم التوصل إليه المشروعية اللازمة باعتبار قطاع غزة جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية في ظل حالة الانقسام المأساوي المتواصلة وغياب الدور المفترض للأطر الشرعية الفلسطينية فيما يتعلق بأي اتفاق مع إسرائيل؟!
إن ما يجب أن يقال هنا أولا إن الأوضاع المأساوية في قطاع غزة بعد سنوات طويلة من الحصار الجائر الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي وبعد حروب مدمرة شنتها إسرائيل وراح ضحيتها الآلاف من الشهداء والجرحى وبعد الانقسام المأساوي الذي زاد معاناة أهلنا في غزة كما زاد معاناة أبناء الشعب الفلسطيني عموما، هذه الأوضاع هي جزء لا يتجزأ من الوضع العام الفلسطيني، فالضفة الغربية تعاني من مختلف إجراءات الاحتلال من استيطان ومصادرات أراضٍ وتقييد حرية الحركة وتنفيذ لمخططات متسارعة لتهويد القدس وأحاديث إسرائيلية عن سعي اليمين الحاكم إلى ضم المناطق «ج» في الضفة الغربية، ووسط ما تشنه إسرائيل من تشريعات عنصرية تستهدف أبناء شعبنا وحقوقهم المشروعة، وبالتالي فإن مشكلة شعبنا لا تنحصر فقط بالوضع المأساوي في قطاع غزة، وعنوانها الأبرز هو ما يمثله الاحتلال غير المشروع من تحديات ومخاطر لكل أبناء الشعب الفلسطيني سواء في الضفة أو القطاع أو الشتات.
ومن هذا المنطلق، من غير المنطقي الحديث عن اتفاقيات إسرائيلية مع هذا الطرف الفلسطيني أو ذاك بمعزل عن الشرعيات الفلسطينية المفترضة لما يحمله ذلك من مخاطر جمة على الكل الفلسطيني ولما يعنيه ذلك من محاولات الاحتلال الاستفراد بهذا الطرف أو ذاك، أو محاولاته مع حليفته الكبرى أميركا تمرير تسويات لا تستجيب للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني تحت شعارات مختلفة، كالسلام الاقتصادي أو الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة ... الخ.
ولهذا، فان الخلل الذاتي الواضح في الساحة الفلسطينية يكمن في استمرار هذا الانقسام وحتى محاولات تكريس سواء من قبل الاحتلال وحلفائه أو من قبل كل من يضع العصي أمام عجلة المصالحة. وإذا كان الاتفاق مع الاحتلال بشأن أوضاع غزة بات في إطار احتمال الممكن، فإن من الأجدر أن يكون الاتفاق أولا بين أبناء الانتماء الواحد والخندق الواحد، كما أن من الأجدر ان يستمد أي اتفاق شرعيته من وحدة فلسطينية راسخة ومن الأطر الشرعية الفلسطينية وخاصة منظمة التحرير، الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا.
ولهذا نقول إن أية اتفاقيات جزئية مع الاحتلال تحت شعار التهدئة أو الأوضاع الإنسانية لقطاع غزة أو غيرهه لا يمكن أن تحل المشكلة الأساسية لشعبنا وهي مشكلة شعب بأكمله يطالب بالحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة فوق ترابه الوطني. وإن ما يجب أن يقال إن ما تعرضه إسرائيل من تسهيلات على الحصار الجائر على قطاع غزة وغيرها من المقترحات لتحسين الوضع المعيشي لا يمكن أن تشكل بديلا عن المطلب الفلسطيني الواضح بزوال هذا الاحتلال غير الشرعي وتمكين شعبنا من حقه الطبيعي في إقامة دولته المستقلة على كامل الأراضي المحتلة منذ عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس.
وحتى لا نقع في الفخ الإسرائيلي الأميركي فإن من الأجدر المسارعة إلى إنهاء هذا الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية والصوت الفلسطيني الواحد، وعندها تكون جبهتنا الفلسطينية أكثر قدرة على إجبار الاحتلال على الاستماع لهذا الصوت الفلسطيني الواحد الذي يستمد شرعيته من شعبنا بأسره ومن الأطر الشرعية الفلسطينية التي تسعى إسرائيل إلى تدميرها وتصفيتها عبر اللعب على التناقضات القائمة في الساحة الفلسطينية.
أحدث أقدم