Adbox

” القدس العربي”: في الذكرى السبعين لقيامها شرعّت إسرائيل” قانون القومية” فحولها من حكومة عنصرية إلى دولة عنصرية رسميا “، كونه قانونا أساسيا يعتبرها دولة اليهود متجاهلا المجتمع الفلسطيني فيها. هذا ما يؤكده الدكتور عوفر كسيف المرشح اليهودي الشيوعي في قائمة تحالف الجبهة الديموقراطية للسلام والمساواة مع الحركة العربية للتغيير عشية اليوم العالمي لمكافحة العنصرية. كسيف صوت نادر جدا في الحلبة السياسية الإسرائيلية بعدما تحولت العنصرية السافرة المباشرة الفظة لتيار مركزي فيها في العقدين الأخيرين. يتجول كسيف من مكان لآخر حاملا رسالته الانتخابية باديا كصوت في البرية في محاولة للاحتجاج والتعبير عما يسميه ” تدهور الديموقراطية وتمأسس العنصرية في إسرائيل “. وبخلاف سابقه النائب الشيوعي الدكتور دوف حنين فإن كسيف لا ينتقي كلماته ويسجل مواقف حادة كقوله إن إسرائيل دولة تنزع للفاشية ووزيرة قضائها نازية وهي مقولة وظفت ضده كتعليل لشطبه من قبل لجنة الانتخابات المركزية وهو قرار ألغته لاحقا المحكمة العليا.

الرأسمالية المتوحشة
وبخلاف دوف حنين أيضا فإن كسيف يتحدث بلهجة غضب ولا يقترح تفاؤلا ملهما في مخاطبته الإسرائيليين ويعتبر أن كثرة العمال العرب الذين يقتلون في حوادث عمل داخل ورش البناء تحديدا مثالا واضحا للعلاقة بين العنصرية وبين الرأسمالية المتوحشة في إسرائيل. كسيف وهو محاضر جامعي في الفلسفة السياسية يتمتع بقدرة كبيرة على التعبير واختزال الأقوال بكلمات مشحونة قليلة يبقى قطرة واحدة في بحر العنصرية الإسرائيلية التي يناهضها بقوة. في محاضراته خلال الحملة الانتخابية يوضح أن قائمته العربية لن تمنح رئيس ” أزرق- أبيض ” بيني غانتس الدعم في تشكيل حكومة بديلة لنتنياهو من خلال ما يعرف بـ ” الكتلة الداعمة ” إلا بشروط. ويوجز هذه الشروط بإلغاء قانوني القومية، وكامينتس لهدم البيوت غير المرخصة إضافة للالتزام باستئناف المفاوضات السياسية مع السلطة الفلسطينية.

بيبي – طيبي
من جهته كرر غانتس في مقابلات صحافية اليوم رفضه لإشراك النواب العرب في حكومة محتملة برئاسته نافيا بذلك تهمة ” الليكود ” رافع شعار ” بيبي أو طيبي ” الذي يتهم فيه غانتس بالتحالف مع القائمتين العربيتين من خلال القول أو الترهيب الموجه للإسرائيليين إما بيبي (اسم الدلع لنتنياهو) وإما طيبي كنية عن النائب أحمد الطيبي وفاقه النواب العرب. بيد أن العنصرية لا تنحصر بنتنياهو وزمرته أو بغانتس وزملائه الجنرالات لأن التسابق بين الحزبين المتنافسين على سدة الحكم بالتشديد على التبرؤ من ” النواب العرب ” يعكس الاستشراء العميق والواسع للعنصرية ضد الفلسطينيين في الشارع الإسرائيلي. وسبق أن تساءل الصحافي اليهودي المناهض للصهيونية غدعون ليفي عن ذلك بالقول الساخر هل ستبدو إسرائيل ديموقراطية بدون نتنياهو؟ كما قال في الناصرة قبل أيام المؤرخ اليهودي التقدمي بروفيسور إيلان بابيه إن إسرائيل مشروع استعماري استيطاني طالما عمل وحلم من أجل تطهير عرقي في البلاد منذ 1948 وكراهية الفلسطينيين تنبع من كون الصهيونية فكرة عنصرية بالأصل رغم أنها تتفاقم لعدة أسباب بالفترة الأخيرة وباتت مكشوفة وسافرة وبدون رتوش. وهذه العنصرية السافرة في إسرائيل 2019 تتجلى بحملات دعائية انتخابية لأحزاب يمينية كثيرة لا تكتفي بالتحريض على ” الطابور الخامس ” في إشارة لفلسطينيي الداخل بل هناك دعوات شبه مباشرة لقتل النواب العرب ووعود بمحاصرة الجهاز القضائي وتغيير طريقة انتخاب قضاة المحكمة العليا لاحتفاظها ببقايا ضئيلة من التوجهات الليبرالية والدفاع عن حقوق الإنسان.

نبرة أنثوية
وتظهر الهجمات الفاشية التي تمجد الدولة وتعادي كل ما له علاقة بالحقوق في حملة دعائية جديدة تقودها وزيرة القضاء الإسرائيلية ذاتها أييلت شاكيد من حزب ” اليمين الجديد”. وغداة إعلانها عن خطتها لإجراء تغييرات في تعيين القضاة، تظهر شاكيد في شريط فيديو جديد كعارضة تعرض عطرا اسمه “فاشية ” وهي تقول خلال استنشاقه أنها تشم رائحة الديموقراطية ولاحقا قالت إن هذه محاولة ساخرة لإقناع أوساط إسرائيلية بالتوقف عن اتهامها بالفاشية. ووجهت جهات نسوية تهمة الجنسانية لشاكيد وهي تقول في مقطع الفيديو، بنبرة أنثوية لا تخلو من الإغراء على خلفية موسيقى رومانسية، “ثورة قضائية، تقليص القضاء النشط وفرملة المحكمة العليا ومنعها من إلغاء قوانين، تعيين قضاة، لهم قدرة على الحكم، وفصل السلطات. كما قالت شاكيد إن “خطة المائة يوم” التي تنوي تنفيذ ” ثورة قضائية ” أثناء ولايتها في الحكومة المقبلة، تشمل تغيير طريقة انتخاب القضاة، بحيث يتم تعيين قضاة المحكمة العليا من خلال تقديم وزير القضاء قائمة مرشحين إلى الحكومة والكنيست للمصادقة عليهم، وليس كما هو متبع حتى الآن، من خلال لجنة تعيين القضاة. وزعمت شاكيد أن خطتها تقضي بخضوع المرشحين لمنصب قاض في المحكمة العليا لاستجواب عام في لجنة القانون والدستور التابعة للكنيست، وسن قانون يسمح بالالتفاف على قرارات المحكمة العليا، وأن يكون بإمكان وزير أن يمثل نفسه في المحكمة، حتى لو كان ذلك يتناقض مع رأي المستشار القضائي للحكومة، وسن قانون المستشارين القضائيين.

عائلة الدوابشة
وهاجمت شاكيد، خلال مؤتمر للاتحاد القطري للطلاب الجامعيين، عقد في القدس المحتلة اليوم، المحكمة العليا، معتبرة أنه “منذ سنوات الثمانينات ترسخ في المحكمة العليا جيل جديد، رسّخ مفهوما جديدا، وهو أن المحكمة هي المقرر الأعلى. كذلك هاجمت شاكيد منصب المستشار القضائي للحكومة، وقالت إنه “تحول أحيانا من محامي الحكومة إلى نائب عام. وينبغي إعادة طريقة تعيين المستشار إلى الطريقة التي تم فيها تعيين المستشارين في معظم السنوات، أي بقرار الحكومة ووفقا لتوصية وزير القضاء. على خلفية عملية الطعن وإطلاق النار التي وقعت قرب سلفيت تعتبر شاكيد أن الجهاز القضائي يضع مصاعب أمام الجنود الإسرائيليين “من أجل الانتصار على ” الإرهاب”، وأن “القيود القانونية التي فُرضت على الجيش الإسرائيلي تمنع ردعا فعالا”. وفي محاولة لتشريع قتل الفلسطينيين اعتبرت أن الجيش الإسرائيلي يخشى من إطلاق النار على من يطلقون البالونات الحارقة وتابعت “بإمكاننا أن نهاجم اليسار، لكن الحقيقة هي أن يحكم هنا منذ 40 عاما هو اليمين”. وقد سبقها بتصريحات عنصرية خطيرة رئيس حزبها وزير التعليم نفتالي بينيت مقدما درسا تربويا باستباحة دم المدنيين الفلسطينيين بقوله إن عملية إحراق عائلة الدوابشة قبل سنوات في دوما ليست عملا إرهابيا وقد تبعه بذلك رئيس حزب ” البيت اليهودي ” باتسلئيل سموطريتش ” الذي كرر ذات الكلمات.

العنصرية المخفية
وعشية اليوم العالمي لمكافحة العنصرية الذي يحل غدا الخميس قال القاضي المتقاعد نائب رئيس المحكمة العليا سابقا الياكيم روبينشطاين إن إسرائيليين كثر يبدون مواقف عنصرية تجاه الآخر المختلف حتى لو كان يهوديا من أصل إثيوبي أو روسي أو متدينين أصوليين( حريديم) أو عرب. وفي مقال نشرته صحيفة ” يديعوت أحرونوت ” قال روبينشطاين إن دولة يهودية ديموقراطية ينبغي أن تبتعد عن العنصرية كالابتعاد عن النار أكثر من أي شعب آخر بعدما خبر اليهود في العالم موجات من اللاسامية التي توجت بالمحرقة. وتابع ” للأسف فإن العنصرية في إسرائيل اليوم قائمة داخل المؤسسة الحاكمة ولا مجال لوجودها بيننا وعلينا الحذر أنها ستمس بجهودنا لمكافحة اللاسامية في العالم فهي سلاح بأي أعدائنا”

أحدث أقدم