وفا–
منذ احتلالها عام 1967، تبقى منطقة الأغوار الفلسطينية نقطة صراع دائم بين
الاحتلال الإسرائيلي الذي يجدها كذراع أمني واق من أي هجوم من جهة الشرق،
والفلسطينيين الذين يرون أية خطوة إسرائيلية للتغيير في واقع المنطقة نسفا لحلم
إقامة دولتهم المنشودة.
فبعد
أقل من 24 ساعة على اجتماع حكومة بنيامين نتنياهو في إحدى المستوطنات في منطقة
الأغوار، وتعهده بضم مناطق منها لإسرائيل في حال فوزه بالانتخابات الإسرائيلية
التي بدأت صباح اليوم، سارعت الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتية للتأكيد على أن
"الأغوار جزء لا يتجزأ من الجغرافيا الفلسطينية، والحديث عن ضمها باطل"،
خلال اجتماع عقدته في قرية الفصايل بالأغوار.
إعلان
نتنياهو هذا يكتسب خطورته من أهمية منطقة غور الأردن الاستراتيجية والأمنية
والاقتصادية بالنسبة لشعبنا، فسيطرة الاحتلال على المنطقة يعني السيطرة على المنفس
الحدودي الوحيد للضفة الغربية مع الأردن ودول المنطقة، وعلى سلة غذاء الفلسطينيين.
الحكومة
أكدت التزامها بتعزيز صمود المواطنين في أرضهم لتبقى الأغوار الفلسطينية سلة خضار
وفواكه فلسطين كما كانت، والعمل على قضايا متعلقة بتربية الثروة الحيوانية،
وخزانات المياه وتأهيل البركة الرومانية التي ستغذي أكثر من 3500 دونم من عين
فصايل.
وفي
الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة أن العناقيد الزراعية التي أعلن عنها في قلقيلية
وطولكرم وجنين وطوباس ستمتد للأغوار الفلسطينية كاملة، فإنها ستقاضي إسرائيل في
المحاكم الدولية على استغلالها لأرضنا في الأغوار.
لكن يبقى التساؤل لماذا يسعى نتنياهو إلى ضم الأغوار الفلسطينية؟
وفق
التحليلات والمؤشرات فإن أهداف نتنياهو المكشوفة من تلك التعهدات كسب أصوات
الناخبين في الانتخابات الإسرائيلية التي تجري اليوم الثلاثاء، لكن الأسباب
المخفية التي تجعل الأغوار الفلسطينية فريسة لأنياب نتنياهو وخلفه حكومة وإدارات
دولة الاحتلال، كثيرة ومتعددة.
في
هذا التقرير توجز وكالة "وفا" بعض الحقائق والأرقام حول منطقة الأغوار
الفلسطينية.
تمتد
الأغوار الفلسطينية من بيسان حتى صفد شمالا، ومن عين الجدي حتى النقب جنوبا، ومن
منتصف نهر الأردن حتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غربا، وتبلغ المساحة الإجمالية
للأغوار وشمالي البحر الميت 1.6 مليون دونم.
وتشكل
الأغوار الفلسطينية 28% من مساحة الضفة الغربية الإجمالية، ويعيش فيها أكثر من 65
ألف فلسطيني، وتضم 27 تجمعا سكانيا ثابتا على مساحة 10 آلاف دونم، وعشرات التجمعات
الرعوية والبدوية، وتتبع إداريا لثلاث محافظات هي: محافظة طوباس (الأغوار
الشمالية) بواقع 11 تجمعا، ومحافظة نابلس (الأغوار الوسطى) وتشمل 4 تجمعات،
ومحافظة أريحا (الأغوار الجنوبية) وتحتوي على 12 تجمعا.
وتكمن
أهمية الأغوار الفلسطينية في كونها منطقة طبيعية دافئة يمكن استغلالها للزراعة
طوال العام، إضافة إلى خصوبة التربة، وتوفر مصادر المياه فيها، فهي تتربع فوق ثاني
أكبر حوض مائي في فلسطين.
وتحتوي
منطقة الأغوار الجنوبية على 91 بئرا، والأغوار الوسطى على 68 بئرا، أما الأغوار
الشمالية فتحتوي على 10 آبار، 60% منها حُفِرَت قبل 1967، ولم يجر تجديدها نظرا
للعراقيل الإسرائيلية، حيث يعمل 111 بئرا فيما لا يعمل 58 بئرا منها.
وتظهر
دراسة أعدها مركز عبد الله الحوراني بعنوان "الأغوار الشمالية بين مطرقة
الاحتلال وسندان عصابات المستوطنين، تعطيش الاغوار.. جريمة ضد الإنسانية" أن
معدل استهلاك المستوطن القاطن في الأغوار الشمالية يبلغ 8 أضعاف ما يستهلكه
المواطن الفلسطيني.
وتشير
الدراسة إلى أن دولة الاحتلال تسيطر على 85% من مياه الأغوار الشمالية فيما يتحكم
الفلسطينيون بـ15% المتبقية، ولا تسمح سلطات الاحتلال بإعطاء تراخيص لحفر آبار من
قبل الفلسطينيين مهما كان عمقه، بينما تقوم شركة "ميكروت" موزع المياه
الاسرائيلي بحفر الآبار التي يصل بعضها إلى عمق 100 متر، بغية تزويد المستوطنات
والمزارع التابعة لها بالمياه طوال العام، وأدت هذه السياسة إلى تجفيف عشرات
الابار والينابيع المنتشرة في المنطقة بفعل هذه الآبار العميقة.
وتؤكد
أن بئرا واحدة فقط تعمل من بين 10 آبار منتشرة في الاغوار الشمالية، بفعل
الإجراءات الإسرائيلية التي تهدف لتدمير أبسط مقومات الوجود الإنساني في أي منطقة
بهدف الضغط على السكان من أجل الرحيل، خاصة أن هذه المنطقة تعتمد على الزراعة
المروية كمصدر رزق أساسي لهم.
وأدى
حفر الآبار الإسرائيلية إلى جفاف واختفاء أكثر من 22 نبعة طبيعية كانت تعتبر مصدرا
مهما من مصادر تزود الفلسطيني بالمياه العذبة والزراعية، كما أدى جفاف هذه
الينابيع إلى تدمير جزء من الحياة البرية في الأغوار والتي كان يعيش عليها آلاف
الأنواع من الحياة البرية والنباتية والحيوانية النادرة.
وتبلغ
مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في منطقة الأغوار 280 ألف دونم، أي ما نسبته 38.8%
من المساحة الكلية للأغوار، ويستغل الفلسطينيون منها 50 ألف دونم، فيما يستغل
المستوطنون 27 ألف دونم من الأراضي الزراعية فيها.
ووفق
رئيس الوزراء محمد اشتية، فإن دولة الاحتلال استثمرت في منطقة الأغوار منذ
احتلالها عام 1967 وزرعت أكثر من مليون شجرة نخيل.
وتنتج
الأغوار 50% من إجمالي المساحات الزراعية في الضفة الغربية، و60% من إجمالي ناتج
الخضار.
التهجير والاقتلاع
هَجّر
الاحتلال ما يزيد عن 50 ألفا من سكان الأغوار منذ عام 1967، إضافة إلى تجمعات
سكانية كاملة، بحجة إقامتهم في مناطق عسكرية، مثل تهجير أهالي خربة الحديدية في
الأغوار الشمالية.
ووفق
"مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة
"بتسيلم"، فإن إسرائيل تفرض على الفلسطينيين البقاء ضمن بلداتهم التي
ضاقت عليهم وتمنع منعا شبه تامّ البناء الفلسطيني في المناطق المصنّفة
"ج"، كما ترفض سلطات الاحتلال على نحو شامل تقريبا إصدار تراخيص بناء
للفلسطينيين مهما كان نوع البناء- منازل أو مبان زراعية أو مبان عامّة أو مرافق
ومنشآت بُنى تحتيّة.
وهدمت
الإدارة المدنية في الفترة ما بين 2006 وأيلول 2017، 698 وحدة سكنيّة على الأقلّ
في بلدات فلسطينية في منطقة الأغوار، كان يسكنها 2948 فلسطينيا بينهم على الأقلّ
1334 قاصرا، وأن 783 من الفلسطينيين الذين هُدمت منازلهم (آوَتْ 386 قاصرًا) ألمّت
بهم محنة هدم منزلهم مرّتين على الأقلّ.
وهدمت
سلطات الاحتلال منذ بداية 2012 وحتى نهاية أيلول 2017 على الأقلّ 806 مبانٍ لغير
أغراض السكن من ضمنها مبانٍ زراعيّة.
وفي
السنوات الأخيرة خاصّة منذ بداية عام 2013 يأمر الجيش من حين لحين سكّان التجمّعات
الواقعة على أراض أعلنتها إسرائيل "مناطق إطلاق نار" بإخلائها مؤقتًا؛
بحجّة أنّ الجيش يحتاج إجراء تدريبات عسكريّة هناك.
وتمتدّ
هذه المناطق على 45% من مساحة منطقة الأغوار (786 ألف دونم)، وفي الأوامر التي
يتسلّمها السكّان يُطلب منهم مغادرة مناطق سكناهم لفترة تتراوح بين ساعات معدودة
ويومين، وتشمل تحذيرا بأنّهم إذا لم يفعلوا ذلك سيجري إخلاؤهم بالقوّة ومصادرة
مواشيهم وتغريمهم تكاليف الإخلاء.
بدأ
الاستيطان الإسرائيلي في الأغوار مبكرا، وذلك لأسباب أمنية بالدرجة الأولى، ثم
تحولت فيما بعد إلى سياسية واقتصادية، حيث تسارع مباشرة بعد حرب 1967، بسبب موقعها
على امتداد أطول جبهة عربية لفرض الأمر الواقع، وفي محاولة لرسم الحدود الشرقية
لدولة الاحتلال واعتبارها حدا فاصلا مع العرب، ووضع لتطبيق ذلك معظم النظريات
الأمنية والاستراتيجية الإسرائيلية.
وبحسب
تقرير صادر عن "بتسيلم"، يوجد في الأغوار 37 مستوطنة وبؤرة استيطانية،
فيها حوالي 9500 مستوطن، وتسيطر المستوطنات على ما نسبته 12% من أراضي منطقة
الأغوار.
وكانت
أولى مستعمرات الغور "محولا" (1968)، ثم تبعتها "كاليه"
و"أرغمان" في السنة نفسها، لتظهر بعدها "مسوءة" (1969)،
و"متسبيه شاليم" (1970)، و"حمرة" (عطاروت سابقا)، في عام
1971، و"معاليه أفرايم" و"بقعوت" (1972).
وتسيطر
إسرائيل على 400 ألف دونم بذريعة استخدامها مناطق عسكرية مغلقة، أي ما نسبته 55.5%
من المساحة الكلية للأغوار، ويحظر على السكان الفلسطينيين ممارسة أي نشاط زراعي أو
عمراني أو أي نشاط آخر في هذه المناطق.
وأقامت
إسرائيل 90 موقعا عسكريا في الأغوار منذ احتلالها عام 1967.
وتشكل
المناطق المصنفة (ج) في الأغوار 88.3% ومساحتها 1155 كم2، وتشكل الغالبية العظمى
من منطقة الأغوار.
وعملت
إسرائيل منذ احتلال الأغوار الفلسطينية عام 1967، على شق الطرق للمستوطنات في
المنطقة، وربطها بشبكة الطرق الرئيسة في دولة الاحتلال، إلا أنها تحذر على
الفلسطينيين فتح طرق جديدة أو تطوير الطرق التي أقيمت قبل عام 1967، وتضم المنطقة
شارع "90" ثاني أكبر الشوارع بالضفة الغربية، ويربط شمال فلسطين
التاريخية بجنوبها من صفد حتى إيلات بطول 475 كيلومترا.