قال الاتحاد الديمقراطي
الفلسطيني "فدا" في بيان لمناسبة الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد الرئيس
ياسر عرفات والتي تصادف اليوم الأربعاء إن الوقائع الراهنة تؤكد بما لا يدع مجالا
للشك أن "إسرائيل"، القوة القائمة بالاحتلال، بكل ما تملكه من ترسانة
عسكرية وإمكانيات مادية هائلة، ومعها الولايات المتحدة الأمريكية عبر الدعم
المنقطع النظير الذي تقدمه لها، ومعهما تخاذل بعض العرب والبعض الآخر الذي هرول
للتطبيع المجاني والمذل وتقاعس المجتمع الدولي عن الانتصار لمنظومة الشرعية
الدولية، لم يتمكنوا جميعا من شطب الحقوق الوطنية الفلسطينية، ولا الانجازات التي
راكمها الراحل أبو عمار طوال مراحل نضاله وحتى استشهاده، وكأن هذه الوقائع تقول:
لا أحد يمكنه تجاوز الشعب الفلسطيني ولا قيادته الشرعية ولا حقوقه الوطنية
الثابتة، وأنه لا أمن ولا سلام ولا استقرار دون جلاء آخر جندي إسرائيلي عن آخر
سنتيمتر من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية
المستقلة وكاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقية عليها وضمان حق اللاجئين
الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها في نكبة عام 1948
وفقا للقرار الأممي 194.
وأضاف "فدا"
في بيانه: إن الراحل ياسر عرفات أرسى خلال حياته، خطوطا حمرا لا يمكن لكائن من
كان، صغيرا أم كبيرا، عربيا أم أعجميا، تجاوزها، وكانت القدس الشرقية، بأقصاها
وكنيستها، وبظاهر أرضها وباطنها، على رأس هذه الخطوط، ومعها كذلك كانت قضية
اللاجئين الفلسطينيين، ومعهما كل ذرة تراب من أراضي عام 1967 التي حددت وفق قرارات
الشرعية الدولية ومبدأ حل الدولتين كفضاء جغرافي وسياسي وديمغرافي يبني فيه
الفلسطينيون دولتهم المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية.
وشدد "فدا" أن
الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات وإذ تحل هذا العام وسط ظروف غاية
في التعقيد يحكمها منطق الحلول التصفوية التي تمثلها ما تسمى "صفقة
القرن"، ومنطق التنازل المجاني الذي يعكسه مسار التطبيع المذل الذي بدأه بعض
العرب مع كيان الاحتلال، فإن ما يبقى باعثا على الأمل، شاحذا للهمم، استمرار شعبنا
في التجذر بأرضه، والتمسك بحقوقه، ومضيه في كفاحه من أجل استرجاع هذه الحقوق
كاملة.
وتابع "فدا"
في بيانه لمناسبة ذكرى استشهاد أبي عمار: إن المناخات الايجابية التي أرساها
الاجتماع الأخير للأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، لا تزال صالحة لتحويلها إلى
إجراءات عملية على الأرض من أجل قلب الطاولة في وجه المحتل وكل الداعمين له
والمتواطئين معه، وهذا يستدعي الاسراع في عقد اجتماع آخر للأمناء العامين أنفسهم
يأخذ على عاتقه اتخاذ قرارات عملية عدة خصوصا تشكيل لجنة تفعيل وتطوير منظمة
التحرير الفلسطينية، وتشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية، وحسم موضوع
إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وللمجلس الوطني، وموضوع إجراء انتخابات
المجالس المحلية، وإصدار مرسوم رئاسي يحدد موعد إجراء الانتخابات التشريعية ومن ثم
الانتخابات الرئاسية، وقبل ذلك جميعا تحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام.
وأكد "فدا" في ختام بيانه أن هذه أكبر
هدية يمكن إهداءها لروح الرئيس الشهيد ياسر عرفات في الذكرى السادسة عشرة لاستشهاده،
وأن هذا هو الوفاء الحقيقي للسياسات والمثل والمبادئ التي أرساها على مر مراحل
حياته.
لقد كان الراحل أبو
عمارا عنوانا للوطنية الفلسطينية، رمزا للوحدة الوطنية، كان بمثابة طائر الفينيق
الذي ينهض من تحت الرماد، لم يخطئ البوصلة يوما، وجهته دوما نحو دولة فلسطينية
مستقلة وكاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقية، كان ملتزما تجاه اللاجئين
الفلسطينيين وعذاباتهم وحقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، وكان حاميا
للديمقراطية الفلسطينية التي تكفل للجميع المشاركة في صنع القرار وحق الاختلاف وحل
أية خلافات في نطاق البيت الفلسطيني والمؤسسات والقوانين التي تحكم هذا البيت
وتنظم شؤونه، كما كان منحازا للمرأة وحقوقها ودورها، محترما لتعدد الأديان وحرية
المعتقدات، ولم يكن متعصبا أو طائفيا، بل كنعانيا فلسطينيا، تشكل فلسطين لديه كل
التاريخ الذي مر عليها، والتنوع الحضاري والانساني الذي عايشته. لقد كان ياسر
عرفات الاسم الحركي لفلسطين، والد أبناء الشهداء والأسرى والمناضلين جميعا، وحين
غادرنا ترك أمله معلقا على شبل أو زهرة من أشبال أو زهرات فلسطين كي يرفع علمها
فوق مساجد وكنائس وأسوار القدس، ولن يخيب هذا الأمل.