Adbox

 


وفا - تغيب مظاهر إحياء يوم الأرض عن مدينة القدس، بأمر احتلالي منذ عام 2015، إلا أن هذا اليوم محفور في ذاكرة المقدسيين.

وتحل الذكرى الـ46 ليوم الأرض، التي تصادف الثلاثين من آذار من كل عام، والقدس تئن تحت وطأة التهويد والأسرلة، وسط اشتداد الهجمة الاستيطانية على الأرض الفلسطينية والمقدسات في سياق عملية احتلالية متسارعة لفرض أمر واقع يهدف إلى تهويد المدينة المقدسة، وتحويل الوجود الفلسطيني فيها إلى مجرد أقلية تعيش في مناطق معزولة محاطة بالمستوطنات.

مظاهر إحياء هذا اليوم تغيب قسرًا عن العاصمة المحتلة، فقد كان آخر مرة تحيى فيها هذه الذكرى عام 2015، حين انطلق المقدسيون في تظاهرة من باب العمود، وسط مشاركة شعبية ورسمية حاشدة.

محافظ القدس عدنان غيث، قال لـ"وفا": في هذا اليوم نؤكد على الموقف الرسمي للقيادة الفلسطينية بأن القدس عاصمة فلسطين رغم كل اجراءات الاحتلال بالضم والتهجير، كما نؤكد ضرورة تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالقدس وانهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس.

ودعا غيث أحرار العالم للعمل على ان تبقى القضية الفلسطينية القضية المركزية في ظل ازدواجية المعايير في المشهد الدولي الحالي الذي تحكمه المصالح على حساب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، فبعد 73 عامًا من اللجوء يبقى الفلسطيني مصرًّا على حقه في العودة وحقوقه غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير.

وثمن المحافظ غيث صمود المقدسيين ورباطهم ووقوفهم أمام اجراءات الاحتلال العنصرية، معتبرًا إحياء الفلسطينيين لذكرى يوم الارض تأكيدًا جديدًا على انتمائهم لأرضهم ومقدساتهم وفي مقدمتها المسجد الاقصى المبارك.

وتوجه المحافظ بالتحية الى الأسرى والى ابناء شعبنا في الداخل والشتات وبشكل خاص الى المرابطين المحافظين على ارضهم وعقاراتهم في الشيخ جراح وسلوان وجبل المكبر والخان الأحمر وكافة مواقع وأحياء وبلدات ومخيمات العاصمة المحتلة.

مستشار ديوان الرئاسة لشؤون القدس أحمد الرويضي، يقول لـ "وفا": سلطات الاحتلال تحارب كافة الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها المؤسسات المقدسية في ظل سياسة تعمل عل تقييد العمل الوطني والمؤسساتي في القدس، ومع ذلك شكلت وقفات المقدسيين في خيمات الاعتصام بسلوان والشيخ جراح وجبل المكبر رسالة تؤكد انهم اصحاب الارض والاحتلال هو العارض الذي عليه ان يرحل.

ويضيف: "في يوم الأرض نؤكد ثباتنا في مدينة القدس رغم قساوة الاحتلال وإجراءاته، وهذا الحراك الشعبي في المدينة الذي أفشل مخططات الاحتلال في الشيخ جراح وسلوان والبلدة القديمة، وجبل المكبر والخان الأحمر، وفي المسجد الأقصى المبارك، يؤكد أن القدس تعيش كل يوم ذكرى يوم الأرض رغم منع الاحتلال المقدسيين من إحياء هذا اليوم الراسخ في الذاكرة".

ويطالب الرويضي المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته، والضغط على الاحتلال الاسرائيلي للتوقف عن مخططات ومشاريع تهويد المدينة وأسرلتها وسياسة التطهير العرقي والتهجير القسري.

ويحلّ يوم الأرض وأهالي القدس المحتلة يكتوون بنار الاستيلاء على أراضيهم وعقاراتهم منذ عقود. وما زالوا يرزحون تحت قرارات الاستيلاء على الأراضي التي باتت كابوسًا يطاردهم منذ 55 عاما.

مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل التفكجي يقول لـ"وفا": بدأ استهداف الاحتلال لشرق القدس منذ عام 1967 في اتجاهين، الاتجاه الأول: توسيع حدود ما يسمى بلدية القدس من ستة كيلومترات ونصف الكيلو متر مربع الى اثنين وسبعين كيلومترًا مربعًا، ووضع سياسة إسرائيلية واضحة تمامًا بالسيطرة على الأرض من خلال قوانين استملاكات المصلحة العامة، والتنظيم والبناء وغيرها، حتى وصلت الى سبعة وثمانين بالمئة من مساحة القدس الشرقية.

ويتابع: الاتجاه الثاني، تشكيل ما يسمى "لجنة أرلون غيفني" عام 1973، وأعطيت لها كل الصلاحيات والإمكانيات لتخفيض الوجود الفلسطيني في القدس لتصبح أقلية، ووضعت لتحقيق ذلك سنت مجموعة من القوانين والسياسات، كمنع البناء، وهدم المنازل وسحب الهويات".

ويضيف التفكجي: "رغم كل هذه السياسات، نما الوجود الفلسطيني في القدس ليصل من سبعين ألفًا عام 1967 الى نحو 340 ألفًا عام 2022، وبسبب النمو السكاني الفلسطيني في المدينة، حذرت مراكز الأبحاث الإسرائيلة من أنه في عام 1940، سيترتفع عدد الفلسطينيين في القدس الى 55%، وبالتالي اتخذت اسرائيل قرارًا عام 2001 بإقامة الجدار العنصري وتم إخراج 150 ألف فلسطيني خارج الجدار، وفي الوقت نفسه بدأت بتنفيذ ما سمته مشروع القدس الكبرى، من خلال إدخال 150 ألف مستوطن يقيمون في مستوطنات الى حدود بلدية القدس، وإقامة البنى التحتية لربط هذه المستوطنات مع المدينة، وتطويق الأحياء المقدسية بالمستوطنات واختراقها بإقامة البؤر الاستيطانية داخل الأحياء مثل ما جرى في بيت صفافا وما يجري في الشيخ جراح وسلوان للوصول للهدف الاستراتيجي وهو تقليل نسبة الفلسطينيين الى 12% فقط من مجمل سكان المدينة".

واستولت إسرائيل منذ عام 1967 حتى الآن على 35% من أراضي شرقي القدس بحجة استخدامها "للمصلحة العامة"، وصنّفت 87% من المساحة المتبقية كأراضٍ خضراء يُمنع البناء عليها، وبذلك بقيت مساحة الأراضي المخصصة للبناء للمقدسيين 13% فقط.

وفي الفترة الواقعة بين عامي 1968 و1970 تم الاستيلاء على  ما مجموعه 17 ألف دونم من أراضي القدس لإقامة المستوطنات، مقابل ذلك بُنيت داخل حدود بلدية الاحتلال 15 مستوطنة يعيش فيها الآن 230 ألف مستوطن شرقي القدس، وفقا للتفكجي.

وكان بناء جدار الفصل العنصري منذ عام 2002، أداة إضافية للسيطرة على مزيد من الأراضي، وفي القدس شكل الجدار فاصلاً بين العاصمة الفلسطينية وامتدادها الجغرافي مع الضفة.

ويهدد خطر التهجير القسري نحو ألفي مقدسي في حي الشيخ جرّاح، ونحو 7500 فرد يعيشون في 6 أحياء ببلدة سلوان الحاضنة الجنوبية للمسجد الأقصى.

ووفقا للجهاز المركزي للإحصاء، في بيان لمناسبة الذكرى الـ46 ليوم الأرض: "صادقت سلطات الاحتلال خلال 2021 على بناء أكثر من 12 ألف وحدة استيطانية أغلبيتها في القدس، في الوقت الذي قامت فيه سلطات الاحتلال بهدم أكثر من 300 مبنى وأصدرت قرارات هدم لأكثر من 200 مبنى، إضافة للمصادقة على مشروع للاستيلاء على 2,050 عقارا فلسطينياً على مساحة تقدر بحوالي 2,500 دونم خلال عام 2021، وفي حيَيْ الشيخ جراح وسلوان بالقدس الشرقية، عززت سلطات الاحتلال جهودها للاستيلاء على منازل الفلسطينيين وطرد سكانها الذين يقطنون هناك منذ فترة طويلة. فعلوا ذلك بموجب قانون تمييزي، أيدته المحاكم الإسرائيلية، والذي يسمح لهذه الجماعات بمتابعة مطالبات لأراضٍ تزعم أن اليهود كانوا يمتلكونها في القدس الشرقية قبل 1948

أحدث أقدم