Adbox

 

وفا- أعادت قضية استعادة فلسطين قطعة أثرية وصلت إلى الولايات المتحدة بطرق غير مشروعة، الجدل حول تاريخ فلسطين المنهوب، وفتحت الباب أمام إمكانية استعادتها كافة القطع المنهوبة، سيما أن سرقة الآثار وتهريبها تعصف بالكيان الوطني للدول وتستهدف تاريخها وإرثها الحضاري وهويتها.

سرقة الآثار جريمة معروفة منذ القدم، وتنامت في القرن التاسع عشر، في ظل الاستعمار الذي استهدف الدول التي تمتاز بثراء مخزونها الأثري، لتكون فلسطين أحد أكبر مناطق نهب الآثار في العالم، وتم سرقة عشرات آلاف القطع الأثرية، إلى جانب عمليات النهب الكبرى التي جرت عبر عمليات تنقيب البعثات الدولية، إضافة إلى المواد الأثرية التي سُرّبَت من خلال القنصليات والحقائب الدبلوماسية.

تواصلت سرقة آثار وتاريخ فلسطين من قبل الاحتلال الإسرائيلي إلى يومنا هذا، حيث تم السيطرة على المتحف الوطني الفلسطيني الرئيس في مدينة القدس المحتلة والمعروف باسم متحف "روكفيلر"، والذي كان من أوائل المباني في المدينة التي سيطر عليها عام 1967، كما استولى الاحتلال على جميع محتوياته ونقل الكثير منها إلى الجزء الغربي من المدينة، إضافة إلى أعمال التنقيب والسرقة والتدمير المستمرة.

فلسطين من أكثر الدول التي تعرضت لنهب التراث على مر العصور، وجميع القطع الأثرية الموجودة فيها مهمة، لأنها جزء من الهوية الفلسطينية وأحد معززاتها، ويمكن من خلالها كتابة تاريخنا.

القانون الفلسطيني لا يسمح بالإتجار أو التنقيب عن الآثار، ولا يوجد تصريح لبيع أجهزة الكشف عن الآثار، وتسعى الجهات المختصة لمواجهة ومحاربة هذه الظاهرة لكنها تواجه معيقات عدة، لعل أبرزها الاحتلال.

مليون قطعة أثرية تم تهريبها خارج فلسطين

ما يقارب المليون قطعة أثرية تم تهريبها بطرق غير قانونية خلال المئة عام الماضية، وكانت فلسطين من أكثر الدول التي تعرضت لنهب التراث الثقافي المنقول، حسب مدير عام التنقيبات والتقنيات والمتاحف في وزارة السياحة والآثار جهاد ياسين.

وحول القطعة التي استعادتها فلسطين، قال ياسين: إن عملية استعادة القطعة الأثرية جاءت خلال التعاون بين الوزارة وشرطة السياحة والآثار، ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي المعني بمتابعة الآثار المنهوبة، حيث طلبنا منهم أن يتم اعادة تسليم المواد المهربة من المناطق المحتلة عام 1967 إلى دولة فلسطين صاحبة السيادة على هذه المناطق حسب القانون الدولي، لأنها جزء من تراثنا وهويتنا الوطنية.

وتم اعداد التقارير والمتابعة لهذه القطع والملفات من خلال البحث الأمني من قبل الجهات المختصة بمتابعة سرقة الآثار والإتجار بها في الجانب الأميركي، وبعد ارسال صور القطعة إلى وزارة السياحة، والتأكد من أن المادة الأثرية وهي ملعقة من العاج ترجع  إلى ما بين 700-800 ق.م، تعود إلى الحضارة الآشورية، وكانت تستخدم في صب البخور، وبمتابعة الأجهزة الأميركية للرسائل والبريد الإلكتروني لمهرب القطعة تم تحديد المكان التي أخرجت منه القطعة، والتي تم سرقتها من قبل لصوص آثار من "خربة الكوم" في الخليل، وبيعها عبر وسطاء، ومن ثم تهريبها إلى الخارج، ولاحقا في مطلع كانون ثاني/ يناير الماضي تمت إجراءات استعادة القطعة إلى وزارة السياحة والآثار.

وأكد ياسين أن إعادة القطعة الأثرية إلى مصدرها وموقعها الأصلي لها قيمة علمية ورمزية كبيرة، حيث أنه للمرة الأولى التي يتم اعادة مواد خرجت بطرق غير قانونية إلى مصدرها الأصلي في فلسطين.

وبين أن جميع القطع مهمة، لأن ما مر على فلسطين هو جزء من تراثنا الفلسطيني والانساني، وأن المواد الأثرية بشقيها التراث المنقول والثابت جزء من الهوية الفلسطينية وأحد معززاتها، ويمكن من خلالها كتابة تاريخنا من مصادره الأولية، إضافة إلى دورها في التنمية السياحية والاقتصادية في فلسطين، إلى جانب ما تشكله من قيمة من الناحية العلمية، بوجودها في موقعها الأصلي، حتى يتم معرفة تاريخها والتفاصيل العلمية لها.

ياسين: ملف أولي لحصر المواد الأثرية المهربة والمطالبة باستعادتها

وأوضح ياسين، أن فلسطين وقعت كافة القوانين والمعاهدات الدولية ذات العلاقة بالتراث الثقافي، ومنها ما ينص على إعادة القطع الأثرية، من خلال التعاون بين الدول، وذلك يستدعي أن تكون القطع مسجلة، لكن بحكم الاحتلال يصعب تسجيل المواد الأثرية التي تخرج بطرق غير شرعية.

وبيّن أن الوزارة تعد ملفا أوليا لحصر المواد الأثرية، من خلال متابعة المتاحف والمزادات التي تُعرَض فيها المواد، وما يتم نشره حولها، وإعداد ملفات للمطالبة بها خلال الفترة القادمة.

يُذكر أن الخليل وجنين تعدان من أكثر المحافظات التي تتعرض إلى سرقة الآثار، ومعظم لصوص الآثار يعملون ضمن توجيهات معينة من تجار آثار ووسطاء إسرائيليين، يبحثون عن قطع يعتقد الاحتلال أن لها علاقة بالتاريخ الإسرائيلي، ويحاولون من خلالها خلق واقع جديد ورواية مغايرة للرواية العلمية حول تاريخ فلسطين.

أغنياء من سرقة الآثار وتهريبها

سرقة الآثار وتهريبها تعد تجارة مربحة لمن يقومون بذلك، وكانت سببا في تحسن الأوضاع المادية لعدد منهم، ووصولهم إلى الثراء الفاحش، غير آبهين بالتفريط بتاريخ بلادهم.

(ع،و) أحد المنقبين عن الآثار، قال لوفا: "كانت بدايتي خلال عملي في جني الزيتون، رأيت شابين قاما بفتح مغارة، وكانا قد حفرا في الأرض، وعند مشاهدتي لهما هربا، وخوفا من أن أخبر عنهما، عرضا علي أن أكون شريكا لهما، ومن هنا بدأت قصتي مع سرقة الآثار".

"المتاحف الإسرائيلية تهتم بالقطع الأثرية على اختلافها، من أباريق الفخار، والتماثيل، والإكسسوارات، والخرز، وهناك تعاون بين تجار الآثار الإسرائيليين وسلطات الاحتلال، بهدف الاستيلاء على جميع القطع الأثرية التي يتم إيجادها، سواء عن طريق شرائها أو الاستيلاء عليها، ويتم في العادة اعتقال من يجد آثارا ذات أهمية تاريخية والاستيلاء على القطع الأثرية"، وفق ما قاله (ع،و).

وحول الآلات المستخدمة للكشف عن الآثار، قال: إن هناك أدواتٍ وتقنيات بدائية تقليدية، وجميع الآلات الخاصة بالكشف عن المعادن تصل من إسرائيل عبر أشخاص من أراضي الـ48، مشيرا إلى أن غالبية القطع الأثرية المنقب عنها بطرق غير شرعية، تقوم الشرطة الفلسطينية بمصادرتها وملاحقة واعتقال من يتجر بها، وأنه تعرض للاعتقال بعد أن تقدم أحد الجيران بالشكوى ضده بسبب صوت أعمال الحفر، وخرج بعد أن كتب تعهدا بألا يعود إلى التنقيب.

القانون الفلسطيني لا يسمح بالاتجار والتنقيب عن الآثار

القانون الفلسطيني لا يسمح بالاتجار والتنقيب عن الآثار، ولا يوجد في الأراضي الفلسطينية تصريح لبيع أجهزة الكشف عن الآثار.

ويبين تقرير أعدته إدارة شرطة السياحة والآثار وحماية البيئة -والتي توكل إليها حماية الآثار والتراث الثقافي الفلسطيني وتوفير الأمن للسياح وللمنشآت السياحية للفترة ما بين العامين 2018- 2022، أنه تم ضبط ما مجموعه 80657 قطعة أثرية، و333 جهاز كشف عن المعادن، خلال  15162 جولة قام بها عناصرها، وأحالت 1007 قضايا إلى النيابة والقضاء للتحقيق، فيما انتهت 1684 قضية بتعهد خطي من المتورطين.

مدير إدارة شرطة السياحة والآثار العميد حسن الجمل، قال: إن أولوياتنا وقف العبث بالتراث والهوية الفلسطينية من محاولات التدمير والتخريب والسرقة والتهريب للخارج، ونقوم بملاحقة لصوص وتجار الآثار الذين يقومون بالعبث بالثروة الوطنية والقومية.

ويضيف الجمل: هناك عمليات ضبط في جميع المحافظات، وفي عام 2018 تم ضبط 27425 قطعة أثرية، و80 جهاز كشف عن المعادن، وحولنا 364 قضية إلى المحاكم، وتراجعت الكميات المضبوطة في عام 2019 ووصلت إلى 13333 قطعة أثرية، وفي عام 2020 وصل العدد إلى 13396.

وشهدت الأعداد ارتفاعا في العام 2021 ووصلت إلى 14076 قطعة، في حين وصل العدد عام 2022 إلى 14605 قطعة.

وشدد الجمل على أن إدارة السياحة والآثار تقوم بإعداد دراسات وتقارير وتحليل بيانات تزود الجهات المختصة بها، في سبيل ملاحقة لصوص ومهربي الآثار.

وتواجه جهود ضبط سرقة الآثار وتهريبها معيقات عدة، لعل أبرزها الاحتلال، خاصة أن 60% من المواقع الأثرية تقع في مناطق "ج"، ما يستدعي إصدار التنسيق اللازم للوصول إلى هذه المناطق، لأن غالبية المواقع محاطة بمستوطنات وأبراج عسكرية، وطرق التفافية، وجدار الفصل العنصري، ما يعطي حافزا للصوص الآثار على التمادي في عملهم بتخريب التراث الفلسطيني وسرقته.

شرطة السياحة والآثار: جميع أجهزة الكشف عن المعادن ممنوعة

يتواصل لصوص الآثار عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتهريب المواد إلى الخارج، وأجهزة الكشف عن المعادن الممنوعة، يتم الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتصل إلى من يطلبها بشكل مباشر، ولا يُستبعد أن تكون الأجهزة مزودة بالـ GPS لتحديد موقع القطع الأثرية في حال العثور عليها.

وللحد من هذه الجريمة، دعا مدير إدارة شرطة السياحة والآثار العميد حسن الجمل أصحاب القرار في الوزارات والمؤسسات المعنية، إلى الخروج بصيغة موحدة لحماية التراث والهوية الفلسطينية، وضرورة توعية المواطنين وبث الوعي بأهمية الحفاظ على التراث الثقافي والحضاري والتاريخي.

وحسب بيانات وزارة السياحة والآثار، فإن عام 2022 شهد 248 اعتداءً دائرة الآثار الإسرائيلية والمستوطنين، إضافة إلى 270 تعدّيا من المواطنين.

بدوره، بين مدير عام الحماية والمكاتب في وزارة السياحة والآثار جهاد مصطفى، أن الوزارة ومنذ تأسيسها عام 1994، عملت على حماية الموروث الثقافي والتاريخي الفلسطيني، وتم إعداد قاعدة بيانات لجميع المواقع الأثرية، تضم أسماء وإحداثيات موقعها والعصور التي تعود إليها، وهناك 7000 موقع منتشر في الضفة وغزة والقدس، و50 ألف مبنى تاريخي محمي بموجب القانون، بناءً على قرار رقم 11 من قانون 2018، إضافة إلى مسح جميع المواقع المكتشفة من خلال فريق عمل زار ميدانيا المواقع، وتنظيم جولات للمواقع وصيانتها وحمايتها من العبث والسرقة من لصوص الآثار.

وتابع: تُجري طواقمنا الحفريات ومنها الإنقاذية والاستكشافية، ونقوم بدراسة اللقى الأثرية، والحفاظ عليها في المخازن، وعرض بعض منها في المتاحف الموجودة في المحافظات، كما تقوم الطواقم المختصة بعمل دراسة كاملة للقطع وتسجيلها وتصنيفها وإدخالها إلى السجلات الفلسطينية، وإعطائها رقما وطنيا، ما يمنع تهريبها أو سرقتها، ويمكن استعادتها من أي مكان في العالم.

50 ألف قطعة أثرية مسجلة ومحفوظة في مخازن الوزارة ومتاحفها

المواد الأثرية المصنفة والمسجلة تقارب 50 ألف مادة، وجميعها ضبطتها الأجهزة الأمنية، وتحديدا شرطة السياحة والآثار، أو تم اكتشافها خلال الحفريات الإنقاذية والعلمية التي تقوم بها الوزارة.

وحول البيئة القانونية في فلسطين، قال مصطفى: إن القانون الذي كان ساريا حينها هو الأردني المقر منذ عام 1966، ولقدمه وعدم تلبيته متطلبات حماية التراث الثقافي الفلسطيني في ظل التحديات التي تواجهه، عمدت الوزارة إلى استصدار قرار بقانون التراث الثقافي عام 2018، لرفع العقوبات فيما يخص التعدي على الآثار من سرقة أو اتجار، ويحصر القانون عمليات التنقيب بطواقم الوزارة جهة الاختصاص، ويعطي أحيانا تصاريح تنقيب لأقسام الآثار في الجامعات ولا يمنح تصريح تنقيب للمواطنين.

وأشار إلى عملية سرقة متحف العيزرية وكيفية استعادة الأجهزة المختصة للقطع المسروقة، مشيرا إلى وجود عصابات متخصصة في سرقة الآثار، وإسرائيل هي المستفيد الأول من تهريب الآثار لأهداف أيديولوجية ولتزوير الحقيقة التاريخية للأرض.

المؤرخ طه: فلسطين أحد أكبر مناطق نهب الآثار في العالم

فلسطين أحد أكبر مناطق نهب الآثار في العالم، وشهدت فترة الاحتلال البريطاني سرقة عشرات آلاف القطع الأثرية، إلى جانب عمليات النهب الكبرى، جرت عمليات تنقيب عبر البعثات الدولية آنذاك، إضافة إلى المواد التي سُربت من القنصليات والحقائب الدبلوماسية، أو من خلال أعمال نقل غير مشروعة، في وقت لم يكن هناك قوانين حول الموضوع، انتهت بالكثير من المواد على رفوف المتاحف الدولية، إضافة إلى ما قامت به إسرائيل من عمليات نهب منظم للآثار، عبر مؤسساتها الأثرية، أو من خلال الأفراد.

وكشف المؤرخ والباحث ومنسق مشروع كتابة تاريخ فلسطين، وكيل وزارة السياحة السابق حمدان طه، أنه ما بين عام 1948 وحتى أواخر ستينيات القرن الماضي، كانت أحد أكبر عمليات الإبادة الثقافية، بتدمير الاحتلال القرى والمدن الفلسطينية.

وتابع: تم تدمير القرى والمدن، في إطار عمل منظم استهدف إزالة المظاهر الحضارية والتاريخية العربية، وتم تدمير مراكز المدن الساحلية في المجدل، وعسقلان، ويافا، وحيفا، وبانياس، وطبريا، وغيرها، في إطار سياسة تغيير مشهد البلاد الذي يدل على التاريخ الحضاري الممتد. وتدميرها شكّل خسارة للبشرية قاطبة، لأنها حفظت فصولا من التاريخ الإنساني تعود إلى فترات قبل العصر البرونزي.

واعتبر طه أن التحول الأساسي في ملف الآثار جرى بعد العام 1994، بإعادة تأسيس دائرة الآثار الفلسطينية، ومن خلالها أعدنا كتابة تاريخ فلسطين من مصادره الأولية.

وبين أن الخبراء في إدارة السياحة والآثار، باشروا فور استلام المواقع بأعمال تقييم أظهرت أن جلها مهمل، ولم يحظ بالعناية المطلوبة من سلطة الاحتلال، ومنها تل بلاطة" شكمو" الكنعاني القديم، المذكور في الوثائق التاريخية منذ القرن 19 ق.م، وكان مركزا حضريا رئيسيا، تم التنقيب فيه من قبل بعثات أوروبية وأميركية ما بين 1913-1973، وتم العبث بآثاره ولم يكن محميا، وغيرها من المواقع في تل دوثان في سهل عرابة، وتل النصبة على أطراف رام الله.

أعمال التنقيب أدت إلى اكتشافات مهمة في كتابة تاريخ فلسطين

قام متخصصون بأعمال تنقيب في مواقع أثرية كانت حكرا على المؤسسات الأثرية الإسرائيلية والمؤسسات الأجنبية، وطالت العمليات 1000 موقع، معظمها تنقيبات إنقاذية، أدت إلى اكتشافات كبيرة منها عام 1998 في قباطية كشفت عن مجموعة نقدية فضية، تعتبر الأكبر في العالم، تعود إلى أواخر القرن السادس عشر والسابع عشر الميلادي، ذات أهمية في دراسة العلاقات الاقتصادية بين فلسطين وأوروبا، وتعود إلى 8 كيانات سياسية أوروبية، تدلل على الأهمية الاقتصادية لفلسطين في ذلك الوقت.

وأظهرت أعمال التنقيب الإنقاذية في عطارة خلال عمليات شق الطرق وشبكات الكهرباء، مجموعات من القبور تعود إلى الفترة الرومانية، شكلت لبنة لكتابة تاريخ عطارة، وغيرها من الاكتشافات في رمون والسموع وبني نعيم في الخليل ونابلس.

ولفت طه إلى أهمية أعمال التنقيب البحثية المشتركة، وأبرزها أعمال التنقيب الفلسطينية- الإيطالية في تل السلطان بأريحا، وهي المواقع التي أُهملت خلال الاحتلال، وهو أحد أهم المواقع في تاريخ البشرية، ويرتبط ببداية الاستقرار الذي ارتبط بظهور القرى الزراعية وتدجين الحيوان، وارتبطت أعمال التنقيب بالتأهيل، وتحويله إلى حديقة أثرية.

طه: إسرائيل اهتمت بالمواقع التاريخية ذات الأهمية الأيديولوجية لها

وقال المؤرخ طه: إن الإسرائيليين اهتموا ببعض المواقع ذات الأهمية الأيديولوجية لهم وفق ادعاءاتهم، مثل تلول أبو العلايق في أريحا، التي تمثل أريحا اليونانية الرومانية، وتل الفرديس الذي كان حصنا رومانيا، وجبل جرزيم في محاولة للاستحواذ على الرواية، وربطت معظم المواقع الأثرية مع المستوطنات، سواء في قطاع غزة أو الضفة الغربية، للاستحواذ على الرواية وعلى الموارد، كون المواقع الأثرية مكونا للهوية الثقافية، وموردا مهما للتنمية وتعزيز السياحة.

وحول الجهود المبذولة لكتابة تاريخ فلسطين، قال إن هناك جهدا بُذل خلال القرن الماضي، ولكن الرواية الشاملة لتاريخ فلسطين لم تُكتب بعد، ويجب أن تُكتب بصورة علمية موضوعية، وأن تنحاز إلى التاريخ الشامل للأرض، بالاستناد إلى الدلائل الأثرية، والمصادر التاريخية، والدلائل اللغوية والأنثروبولوجية، والتاريخ الشفوي، وذاكرة المكان، وهذا هو الفرق بين الرواية الفلسطينية الجادة والموضوعية، والرواية الصهيونية الانتقائية التي تركز على مفاصل محددة في تاريخ هذه الأرض، وتهدف إلى تبرير المشروع الاستعماري.

واختتم قائلا: إن الآثار دليل صامت، والرواية الإسرائيلية نموذج لتوظيف الآثار لخدمة أهداف أيديولوجية محددة، ضمن إطار المشروع السياسي الصهيوني. وقوة الرواية الصهيونية وسطوتها ليست من دلائلها العلمية والموضوعية، ولكنها مرتبطة بالتحالفات الدولية والسياسية والأيديولوجية التي وظفت الآثار لخدمة مشروعها الاستعماري.

أحدث أقدم