التقرير النصفي الصادر عن مؤسسات الأسرى حول
الاعتقالات والانتهاكات وأحدث الإحصائيات
- الاحتلال
ومنظومة اليمين المتطرفة تواصل التّصعيد من مستوى الجرائم بحقّ المعتقلين والأسرى
شهد
النصف الأول من العام الجاري 2023، تحوّلات خطيرة على صعيد مستوى الاعتداءات
وعمليات التّنكيل والانتهاكات التي طالت كافة مناحي قضية المعتقلين والأسرى،
وارتبط هذا التّحوّل بشكلٍ أساسي مع تصاعد العدوان الإسرائيليّ، على الشعب
الفلسطينيّ الذي يواصل كفاحه ونضاله، وحقّه في تقرير مصيره، وذلك مع وصول اليمين
الصهيونيّ الأكثر تطرفًا لدى الاحتلال سدة الحكم، حيث عملت منظومة الاحتلال
الحالية بكافة مكوناتها على تكثيف مستوى الجرائم بحقّ أبناء شعبنا، التي تصنّف
غالبيتها ضمن (جرائم الحرب)، وذلك جزء من نظام الفصل العنصري (أبرتهايد) القائم
أساسًا، بهدف تقويض الحالة النضالية المستمرة ضد الاحتلال، وشكّلت عمليات
الاعتقال، وما رافقها من جرائم وانتهاكات، جزءًا من السّياسات التي عكّست مستوى
هذه الجرائم، وما رافقها من عمليات تّحريض بحقّ الأسرى في سجون الاحتلال
الإسرائيليّ، وما تلا ذلك من تشريعات وقوانين عنصريّة، شكّلت أبرز أوجه أدوات
منظومة الاحتلال الحالية ضد المعتقلين والأسرى، ويبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال
حتى نهاية شهر حزيران 2023، نحو (5000)، منهم بينهم (32) أسيرة، ونحو (160) طفلًا،
و(1132) معتقلًا إداريًا.
قراءة
في نسبة عمليات الاعتقال وأبرز السياسات والجرائم الثابتة والمتغيرة التي رافقتها
رصدت
مؤسسات الأسرى عبر نشرة خاصّة النصف الأول من العام الجاري 2023، قراءة عن مجمل
الأرقام، وإجمال لبعض السّياسات الثّابتة والممنهجة، وبعض المتغيرات المرتبطة بها،
و بشكلٍ أساسي اتخاذها منحى تصاعدي، حيث بلغ عدد إجمالي حالات الاعتقال (3866)
حالة اعتقال، وتصدرت القدس النسبة الأعلى من حيث أعداد المعتقلين، حيث بلغت حالات
الاعتقال فيها نحو(1800)، فيما بلغ عدد الاعتقالات بين صفوف الأطفال من الإجمالي
العام (568) وهذا يشكل زيادة عمّا سُجّل في نفس الفترة من العام الماضي، والنساء
(72)، وبلغ عدد أوامر الاعتقال الإداريّ (1608)، وكان أعلى نسبة في عمليات
الاعتقال في شهر نيسان/ أبريل، وبلغت (1001) حالة اعتقال.
تؤكد
مؤسسات الأسرى (هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة
الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، ومركز معلومات وادي حلوة – القدس)، أنّ هذه
الأرقام مقاربة لنسبة الاعتقالات التي شهدناها في النصف الأول من العام المنصرم
2022، إلا أنّ المتغير لم يرتبط بشكل أساسي بطبيعة الأرقام، وإنما بمستوى الجرائم،
والانتهاكات التي رافقت عمليات الاعتقال وتحديدًا (الإعدامات الميدانية،
والاغتيالات، والعقاب الجماعيّ)، التي تركت آثارًا كبيرة على المجتمع الفلسطينيّ،
فيما كان المتغير الأبرز في هذه الأرقام، المتعلقة بمستوى أعداد أوامر الاعتقال
الإداريّ، حيث بلغت هذا العام 2023 كما ذكرنا أعلاه (1608)، بينما كان عددها في
النصف الأول من العام المنصرم 2022، (862).
وواصلت
منظومة الاحتلال، جملة من الجرائم الثابتة، إلا أنَ بعضها اتخذ منحى تصاعديًا
بشكلٍ لافت، وهذا التّصاعد هو امتداد لمستوى التّصعيد الذي نشهده فعليًا منذ العام
المنصرم 2022، الذي يعتبر العام الأكثر دموية منذ 20 عامًا، وفي واقع الأمر لم
تختلف هذه القراءة مع بداية العام الجاري، واستمر الاحتلال في نهجه، مع استمراره
كذلك في استحداث الأدوات لفرض مزيد من السّيطرة والرّقابة على المجتمع الفلسطيني،
والمقاومة بشكلٍ عام.
وتركَزت
عمليات الاعتقال في المناطق التي تصاعد فيها العمل النضالي والمقاوم، وشهدت بعض
المحافظات تحوّل كبير في أعداد المعتقلين، نذكر هنا بشكلٍ أساسي محافظة أريحا،
وتحديدًا مخيم عقبة جبر، الذي شكّلت نسبة الاعتقالات متغيرًا كبيرًا فيها، حيث
بلغت مجموع الاعتقالات في النصف الأول (201)، وهذه النسبة لم تشهدها محافظة أريحا
منذ سنوات طويلة، إلى جانب ذلك ارتبطت عمليات الاعتقال في جنين ومخيمها، ونابلس
ومخيمها، بشكلٍ متزامن مع تصاعد المقاومة في المحافظتين، حيث بلغ عدد حالات
الاعتقال في جنين ومخيمها (291) مع التأكيد على أنّ هذه النسبة فقط حتى نهاية شهر
حزيران/ يونيو، وفي نابلس بلغت (215)، مع الإشارة إلى أنّ هذه نسبة الاعتقالات في
هذه المناطق عكست مستوى كثيفًا من الجرائم والانتهاكات إلى جانب حالات الاعتقال، إلا
أنها ليست الأعلى من حيث نسبة الاعتقالات في الوطن، حيث بقيت محافظتا القدس
والخليل الأعلى من حيث نسبة حالات الاعتقال.
وشكّلت
جريمة (العقاب الجماعيّ)، أبرز هذه الجرائم التي عمل الاحتلال بكل ما يملك على
التّصعيد من استخدامها، تحديدًا فيما يتعلق، باستهداف عائلات الأسرى والمعتقلين
والشهداء، والمطاردين. وإلى جانب عمليات الاعتقال التي استهدفت عائلاتهم بشكل
جماعي، واصلت عمليات الاقتحام المتكررة لمنازلهم، والتضييق عليهم بكافة الوسائل،
ووصلت إلى حد الإعدام الميداني، عدا عن الخسائر المادية التي خلّفتها قوات الاحتلال
في كل عملية اقتحام تنفّذها، واتسعت الجريمة لتشمل قرى، وبلدات، ومخيمات بأكملها،
خاصّة البلدات القريبة من البؤر الاستيطانية، حيث شكّلت جرائم المستوطنين بحقّ
المواطنين ارتباطًا وثيقًا في عمليات الاعتقال في تلك البلدات، وكانت عملية هدم
منازل الأسرى جزءًا من جريمة (العقاب الجماعي)، حيث جرى هدم أربع منازل تعود
للأسرى (يونس هيلان، وإسلام الفروخ، وأسامة الطويل، وكمال جوري)، وإلى جانب ذلك
فإنّ هذه الجريمة تركت آثارًا نفسية بالغة وخطيرة على عائلات الأسرى والمعتقلين لا
سيما الأطفال.
جريمة
إطلاق النار على المعتقلين قبل الاعتقال وخلاله: منذ العام المنصرم 2022، وفي
النصف الأول من هذا العام، تابعت المؤسسات جريمة إطلاق النار المباشر على
المواطنين قبل اعتقالهم، عدا عن اعتقال جرحى بعد إصابتهم بفترات وجيزة من بينهم
أطفال، وشكّلت هذه القضية من أبرز القضايا الراهنّة، وتركت آثارًا بالغة على واقع
الأسرى والمعتقلين في السّجون، خاصّة مع حاجتهم الماسة إلى الرعاية والمتابعة
الصحيّة لاحقًا، وكان من أبرز هؤلاء الجرحى (أسامة الطويل، وكمال جوري، وفاطمة
شاهين)، وقضية الجريح السابق محمد الزغير الذي يعاني من تشوهات في جسده جرّاء
إصابة تعرض لها قبل 20 عامًا، وهو بحاجة إلى رعاية صحيّة حثيثة، ومع ذلك يواصل
الاحتلال اعتقاله.
جريمة
الاعتقال الإداريّ الشاهد الأبرز على التحوّلات في قضية المعتقلين والأسرى: شكّلت
جريمة الاعتقال الإداريّ، أبرز الجرائم التي واصل الاحتلال من استخدامها، وكانت
المتغير الأبرز الذي ارتبط مع واقع عمليات الاعتقال، فمنذ عام 2003، لم نشهد هذا
التصاعد المستمر في أعداد المعتقلين في سجون الاحتلال، وكما ذكرنا أعلاه بلغت عدد
أوامر الاعتقال الإداري (1608)، منها (813) أمرًا جديدًا، و(795) أمرًا تجديد
لمعتقلين منذ فترات متفاوتة، مع التأكيد على أنّ 80% من المعتقلين الإداريين، هم
أسرى سابقون أمضوا سنوات في سجون الاحتلال جلّها رهن الاعتقال الإداريّ، مع ضرورة
الإشارة، إلى أنّ جيلًا جديدًا بدأت سلطات الاحتلال باستهدافه عبر هذه الجريمة،
ويبلغ عدد الإداريين (1132) من بينهم (3) أسيرات، و(18) طفلًا.
مع
الإشارة مجددًا إلى أنّ محاكم الاحتلال الصورية في هذه القضية ساهمت بشكل غير
مسبوق في ترسيخ هذه الجريمة، وفي ضوء ذلك يواصل نحو 60 معتقًلا مقاطعة المحاكم
كصرخة في وجه هذه الجريمة.
(لنسقط
شرعية محاكم الاحتلال بالمقاطعة)
استمرَت
محاكم الاحتلال بمستوياتها المختلفة، العمل على ترسيخ جريمة الاعتقال الإداريّ،
فكانت ولا تزال أداة من أدوات فرض السيطرة والهيمنة التي تمارسها دولة الاحتلال ضد
الشعب الفلسطيني والأسرى في سجون الاحتلال، تحديدًا فيما يخص موضوع الاعتقال
الإداري التعسفي والذي يرقى لجريمة حرب أخرى تمارسها دولة الاحتلال على المعتقلين،
وعلى مدار كل تلك السنين، فكانت المحاكم العسكرية للاحتلال محاكم صورية هدفها
الأول والأخير تثبيت سياسة الاعتقال الإداريّ كواقع مفروض على المعتقلين وللتنكيل
منهم ومن عائلاتهم أيضًا.
على
مدى العقود الماضية، خاض المعتقلون الإداريون نضالاً واسعاً ضد سياسة الاعتقال
الإداري، شمل مقاطعة المحاكم العسكرية، وفي الأول من كانون الثاني عام 2022 بدأ
المعتقلون الإداريون حملةً جماعية ضد الاعتقال الإداري تمثَلت في مقاطعة كافة
درجات المحاكم العسكرية المختصة بالاعتقال الإداري التعسفي، حيث قاطع معظم المعتقلين
الإداريين المحاكم العسكرية من مختلف الأحزاب والتنظيمات واستمرت الحملة حتى شهر
أيلول، قبل أن تتوقف لمدة ثلاثة أشهر لإعطاء مهلة لدولة الاحتلال من أجل النظر في
موضوع الاعتقال الإداري، وخلال تلك الفترة استمر نحو 80 معتقلًا في مقاطعة المحاكم
العسكرية، لا زال 60 معتقلًا منهم يقاطعون محاكم الاحتلال العسكرية المختصة
بالاعتقال الإداري بكافة درجاتها.
وفي
ضوء كل المعطيات التي تتعلق، بقرارات محاكم الاحتلال وكل مكونات الجهاز القضائي
للاحتلال، وتحديدًا فيما يتعلق بالاعتقال الإداريّ، فإنّ مؤسسات الأسرى، تجدد دعوتها
لإعادة تقييم مسألة التعاطي مع الجهاز القضائي للاحتلال ككل، وتجديد الدعوة إلى
ضرورة تكثيف مقاطعة المحاكم العسكرية للاحتلال بشأن قضية الاعتقال الإداريّ، تحت
شعار (لنسقط شرعية الاحتلال بالمقاطعة).
سن
تشريعات وقوانين عنصرية: التهديدات التي طالت الأسرى وعائلاتهم على مدار سنوات
تحوّلت إلى تشريعات وقوانين ومشاريع قوانين.
مع
صعود حكومة اليمين الفاشية والأكثر تطرفًا لدى الاحتلال، عملت منظومة الاحتلال
بكافة مستوياتها على سنّ قوانين وتشريعات عنصرية، تمس مصير الأسرى وعائلاتهم والتي
ارتبطت بتهديدات طالت الأسرى وعائلاتهم والمحررون وكذلك الشهداء وعائلاتهم، وكان
أبرزها: مشروع (قانون إعدام الأسرى) الذين نفّذوا عمليات مقاومة ضد الاحتلال،
إضافة إلى (قانون سحب الجنسية والإقامة من أسرى ومحررين مقدسيين) ومن الأراضي
المحتلة عام 1948، وتم ربط ذلك بالمخصصات التي تقدمها السلطة الفلسطينية
لعائلاتهم، إضافة إلى مشروع قانون يقضي بترحيل عائلات الأسرى و الشهداء، كما تمت
المصادقة عليه بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون يقضي بحرمان الأسرى على العلاج
الذي يندرج تحت توصيف (تحسين جودة الحياة)، و فعليًا أصدر الوزير الفاشي (بن غفير)
تعليمات داخلية بخصم أموال من مخصصات "الكانتينا" للأسرى، في حال استخدم
الأسير عيادة علاج الأسنان في السجن وعن كل ساعة تم خصم (175) شيقلًا، إلى جانب
هذا تم طرح تعديل قانون (مكافحة الإرهاب)، يقضي بعدم تسليم جثامين الشهداء، ومشروع
قانون (منع الإفراج المبكر عن الأسير الذي صدر بحقّه حكمًا) على خلفية عمل مقاوم
والذي يصنّفه الاحتلال (كعمل إرهابي)، ومشروع قانون يناقش سجن الأطفال الفلسطينيين
من عمر 12، بدلًا من إرسالهم إلى مؤسسات (لإعادة التأهيل)، ومشروع قانون آخر يقضي
بإعطاء صلاحيات واسعة لوزير الشرطة بفرض اعتقالات إدارية وتقييد الحركة على
الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، وعدد آخر من مشاريع القوانين التي تمس
حياة ومصير الأسرى المحررين، وعائلاتهم تحديدًا في القدس والأراضي المحتلة عام
1948.
في
هذا السياق تؤكد مؤسسات الأسرى، أنّ هذه السلسلة من القوانين والتشريعات والتعديلات
ومشاريع القوانين، هي مسار ممتد تصاعد تدريجيًا، إلى أنّ تحوّلت تهديدات اليمين
المتطرف على مدار سنوات ماضية إلى واقع تمثل بهذا التحوّل الحالي المرتبط بوصولهم
إلى سدة الحكم.
واقع
المعتقلين والأسرى داخل سجون الاحتلال ومواجهتهم للجريمة المستمرة بحقّهم
شهد
واقع الأسرى في سجون الاحتلال جملة من التحولات الخطيرة، وهي ليست منفصلة عن سياق
تاريخيّ للواقع الذي حاولت، وتحاول إدارة السّجون فرضه على الأسرى، وسلبهم حقوقهم،
وانجازات حققوها عبر نضال طويل ومستمر، وتمثلت هذه التحولات في استهداف أدق
التفاصيل في الحياة الاعتقالية للأسرى بأوامر من حكومة الاحتلال اليمينية
المتطرفة، حتّى وصلت إلى عمليات التضييق والتقييد، على كمية المياه التي يستخدمها
الأسرى، وكذلك كمية ونوعية الخبز الذي يقدم للأسرى والأسيرات، وهذا يعكس المستوى
الذي وصلت إليه إجراءات حكومة الاحتلال المتطرفة.
وإلى
جانب ذلك بقيت جملة من السياسات الثابتة والممنهجة قائمة، أبرزها جريمة الإهمال
الطبي (القتل البطيء)، فمنذ مطلع العام الجاري، ارتقى في سجون الاحتلال نتيجة لهذه
الجريمة (الشهيد أحمد أبو علي، والشهيد خضر عدنان)، وشكّل استشهادهم محطة جديدة في
تاريخ هذه الجريمة المستمرة، وتحديدًا استشهاد الأسير الشيخ خضر عدنان، الذي
اغتالته منظومة الاحتلال بكافة مكوناتها وعن سبق الإصرار، بعد إضراب عن الطعام
خاضه لمدة 86 يومًا، وخلال هذه المدّة الطويلة من الإضراب، تعمدت منظومة الاحتلال
باحتجازه في زنزانة وكان ذلك على مرحلتين في فترة التحقيق حيث احتجز في معتقل
(الجلمة)، ونفّذت بحقّه جملة من الإجراءات التّنكيلية والانتقامية، وعلى مدار فترة
إضرابه واجه الشهيد عدنان، مستويات من التنكيل، من كافة أجهزة الاحتلال، التي لم
تكترث لوضعه الصحي، ورفضت نقله إلى مستشفى مدني، إلى أن ارتقى في الثاني من أيار/
مايو 2023، وتواصل سلطات الاحتلال حتّى اليوم احتجاز جثمانه وهو من بين (11)
أسيرًا من شهداء الحركة الأسيرة يواصل الاحتلال احتجاز جثامينهم.
ولطالما
أكّدنا سابقًا على دور محاكم الاحتلال في ترسيخ الجرائم، فإن المحاكم مارست دورًا
واضحًا في تصفية الأسير الشيخ خضر عدنان، من خلال قراراتها التي صدرت خلال فترة
اعتقاله، ولم تكترث للوضع الصحيّ الذي وصل له قبل استشهاده، لذا فإنَ قضية الشهيد
خضر عدنان، تدعونا كما أكّدنا سابقًا على ضرورة إعادة تقييم التعاطي مع الجهاز
القضائي للاحتلال، وكذلك في ضوء كل المعطيات التي تصل المؤسسات من خلال طواقمها
القانونية.
ويبلغ
عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال أكثر من 700 أسير، من بينهم 24 أسيرًا يواجهون
الإصابة بالسّرطان والأورام بدرجات مختلفة، وأبرزها اليوم حالة الأسير وليد دقّة
المعتقل منذ 38 عامًا، والمصاب بمرض سرطان نادر يصيب نخاع العظم يعرف بـ(التليف
النقوي)، ونتيجة لجريمة الإهمال الطبيّ، تعرض دقّة منذ شهر آذار لانتكاسات صحية
متتالية، واليوم ما يزال محتجزًا في (عيادة سجن الرملة)، وإلى جانبه الأسير المريض
بالسرطان عاصف الرفاعي المعتقل منذ شهر أيلول 2022.
وتستعرض
المؤسسات حالة الأسير وليد دقة أحد قادة الحركة الأسيرة، وأحد الأسرى القدامى
المعتقلين منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو.
الأسير
وليد نمر دقة (62 عامًا) من الأراضي المحتلة عام 1948، كان المفترض أن يتحرر في
شهر آذار من العام الجاري، بعد أن أمضى مدة حكمه كاملة وهي 37 عامًا، إلا أنّ قرار
محكمة الاحتلال الذي صدر عام 2018، بإضافة عامين إضافيين، على قضية إدخال هواتف
للأسرى، وعلى مدار الفترة الماضية وتحديدًا من شهر آذار، تعرض دقة لتدهور خطير على
وضعه الصحي، ومر بمحطات صحية بالغة الخطورة، وتم استئصال جزء من رئته اليمنى، ومكث
فترات في المستشفيات المدنية للاحتلال، وفي ضوء ما واجهه الأسير دقة ليس فقط
حاليًا وإنما على مدار نحو أربعة عقود من الأسر، يؤكد مستوى الجريمة التي ارتكبت
بحقّه، وتحديدًا على المستوى الصحيّ، في استهداف واضح له، فإلى جانب إصابته
بالسرطان، اليوم يعاني من جملة من المشكلات الصحية المركبة، وما يحتاجه إلى جانب
المتابعة الصحية الحثيثة، أن يكون حرّا بين عائلته، لذلك شرعت عائلته بمسار قانوني
من أجل تحريره قبل فوات الأوان، وحتى في هذا المسار، وما نتج عنه من قرار أخير
بحرمانه من حقّه بالمثول أمام لجنة الإفراج المبكر، يؤكد على أنّ هناك قرارًا
بالاستمرار في الجريمة، واستهدافه، كما وتؤكد قرارات هذه المحاكم أنها تنفذ فقط
أوامر سياسية من الحكومة اليمينة الفاشية، وتشكل قضيته اليوم أيضًا من القضايا
التي تدفعنا كذلك إلى توجه مقاطعة الجهاز القضائي للاحتلال.
ويُضاف
إلى هذه السياسة، سياسة العزل الإنفراديّ، والتي تصاعدت بشكل ملحوظ منذ 2021 حتّى
اليوم، وتحديدًا بعد عملية (نفق الحرية) البطولية، ويبلغ عدد الأسرى الذين يواجهون
العزل الإنفرادي اليوم نحو (35) من بينهم أسرى مرضى يعانون من أمراض نفسية، وصحية
مزمنة، من بينهم الأسير أحمد مناصرة الذي يواصل الاحتلال اعتقاله، وعزله رغم ما
وصل إليه من وضع صحي ونفسي خطير، ونذكر هنا كذلك أقدم الأسرى المعزولين في سجون
الاحتلال، الأسير محمد خليل الذي يواجه العزل الإنفرادي منذ أكثر من 15 عامًا.
وإلى
جانب ذلك سياسات الاقتحامات الممنهجة لأقسام الأسرى، والتنكيل بهم، فمنذ أواخر
العام المنصرم ومع مطلع العام الجاري، سُجّلت العديد من الاقتحامات لأقسام الأسرى
في عدّة سجون، وتصاعدت فعليًا بالمقارنة مع الأشهر التي سبقت شهر تشرين الثاني/
نوفمبر 2022، وبلغت حدتها في نهاية شهر كانون الثاني/ يناير من العام الجاري، حيث
رافق عمليات الاقتحام عمليات نقل وعزل بحقّ الأسرى، واعتداءات بمستويات مختلفة.
كما
واصلت سلطات الاحتلال وضع العراقيل أمام زيارات عائلات الأسرى وحرمان الآلاف من
أفراد عائلاتهم، أو حرمان الأسرى (كعقوبة) تفرضها بحقهم، أو بسبب انتمائهم الحزبي
كما يحدث مع عشرات الاسرى من غزة، حيث تتعمد إدارة السّجون بتحويل أي حقّ إلى أداة
لفرض مزيد من إجراءات التّنكيل بحقّ الأسرى، ولم تتوقف يومًا عن (ابتكار) أدوات
لعرقلة زيارات الأسرى، والتّنكيل بذوي الأسرى.
ونفّذ
الأسرى في النصف الأول من العام الجاري، سلسلة خطوات احتجاجية، بلغت كثافتها في
شهري شباط وآذار، رفضًا لجملة الإجراءات التي أعلن الوزير المتطرف (بن غفير) بحقّ
الأسرى، ورغم أن الأسرى تمكّنوا من الحفاظ على ما هو قائم إلا أن منظومة الاحتلال
تحاول تمرير العديد من الإجراءات تدريجيًا، وأبرز ما يتعرضون له تحت هذا الإطار
سياسة (الاستغلال الاقتصادي)، التي تحاول تمريرها عبر العديد من الإجراءات
اليومية.
متغيرات
على بعض فئات الأسرى من حيث الأعداد، والتي تعكس في واقع الأمر التساؤل الأهم عن
مصير كافة الأسرى.
ارتفع
عدد الأسرى المحكومين بالسّجن المؤبد إلى (558)، فقد صدر بحقّ ستة أسرى أحكامًا
بالسّجن المؤبد منذ مطلع العام الجاري وهم: علاء قبها من جنين، ومعاذ حامد من بلدة
سلواد، ويوسف عاصي، ويحيى مرعي من سلفيت، محمود عطاونة، من الخليل، زيد عامر من
نابلس.
كما
بلغ أعداد الأسرى القدامى، (22) أسيراً من الأسرى المعتقلين منذ قبل توقيع اتفاقية
أوسلو بشكل متواصل بعد الإفراج عن ثلاثة منهم بعد أن أمضوا كافة مدّة أحكامهم وهم
(كريم يونس، وماهر يونس، وبشير الخطيب)، واليوم أقدمهم الأسير محمد الطوس المعتقل
منذ 1985، بالإضافة إلى ذلك فإنّ هناك (11) أسيرًا من المحررين في صفقة (وفاء
الأحرار) الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم وهم من قدامى الأسرى الذين اعتقلوا منذ ما
قبل (أوسلو) وحرروا عام 2011 وأعيد اعتقالهم عام 2014، أبرزهم الأسير نائل
البرغوثي الذي يقضي أطول فترة اعتقال في تاريخ الحركة الأسيرة، حيث أمضى نحو (43)
عامًا في سجون الاحتلال، قضى منها (34) عاماً بشكل متواصل.
رسالة
المؤسسات وتوصياتهم:
في
ضوء كل التحوّلات الخطيرة التي تشهدها قضية المعتقلين والأسرى، فإن مؤسسات الأسرى
تطالب المنظومة الحقوقية الدولية بكافة مركباتها، أن تواجه هذه التحوّلات الخطيرة
والتي لا تمس في أبعادها فقط حقوق أبناء شعبنا الفلسطيني، ومصيرهم، وإنما المجتمع
الإنساني ككل، وأن تكون المواجهة مرتبطة بتحوّل حقيقي وذو أثر للضغط على الاحتلال
من أجل وقف جرائم الحرب المتصاعدة، بحيث يفضي هذا التحوّل إلى محاسبة الاحتلال،
وصون الحقوق الفلسطينية.
ودعوة المؤسسات إلى إعادة تقييم التعاطي مع الجهاز القضائي للاحتلال، الذي كان وما زال أداة أساسية في ترسيخ الجرائم ضد المعتقلين والأسرى، إلا أنّ الإمعان في ذلك تصاعد بشكلٍ لافت في السنوات القليلة الماضية، وتحديدًا في هذا العام مع وجود حكومة يمينية فاشية، وذلك من خلال المتابعات التي أجرتها المؤسسات، ومن خلال قراءة المئات من قرارات هذه المحاكم التي تؤكد أنها تنفّذ قرارات سياسية، وتحديدًا قضية الاعتقال الإداري الشاهد الأبرز على صورية محكمة الاحتلال. ودعوتنا هذه تحت شعار (لنسقط شرعية محاكم الاحتلال بالمقاطعة).